الأربعاء، 27 مارس 2013

أسلوب البرمجة الخطية متعددة الأهداف لتحديد العدد الأمثل لأوعية التكلفة


أسلوب البرمجة الخطية متعددة الأهداف لتحديد
العدد الأمثل لأوعية التكلفة

تمهيـــــد :
          أدى الاتجاه المتزايد نحو تطبيق مدخل المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط إلى محاولة التوفيق بين معيار الدقة والملائمة فى نتائج البيانات التكاليفية وكذلك معيار الاقتصادية بهدف تحديد عدد أوعية التكلفة التى تحقق التوفيق بين المعيارين . ووصولاً إلى ذلك يحاول الباحث استخدام أسلوب كمى وهو أسلوب البرمجة الخطية متعددة الأهداف مع عرض لمبررات تطوير نظام المحاسبية عن تكلفة النشاط .

أولاً - المداخل المناسبة لتحديد العدد الملائم من أوعية التكلفة المخصصة لاستيعاب بنود التكاليف غير المباشرة :
          يمكن أن تتحدد المداخل بصفة عامة – وعلى اختلاف تبويباتها فى ثلاثة أنواع من النماذج  هى المداخل الوصفية ، والمداخل التنبؤية و أخيراً المداخل الرقابية . ويحاول الباحث هنا توضيحها وإلقاء الضوء عليها بشىء من الإيجاز : ([1])

المدخل الوصفى (الدالى) Functional Approach :
-124-
 
          يختص هذا المدخل بتحديد المتغيرات المفسرة أو المؤشرة على سلوك المتغير التابع محل الدراسة والبحث ، سواء أخذت هذه المتغيرات الطابع الكمى أو الطابع الوصفى ويهدف هذا المدخل الدالى إلى جمع أكبر عدد ممكن من المتغيرات المرتبطة بالمشكلة موضوع البحث ، ثم تصنيف هذه المتغيرات إلى مجموعتين ، المجموعة الأولى مجموعة المتغيرات التابعة Dependent Variables والمجموعة الثانيــة هى مجموعــة المتغيرات المســـتقلة Explanatory Variables .
المدخل التنبؤى  Predictive Approach :
          يختص هذا المدخل بتحديد المتغيرات الداخلية والخارجية التى يمكن أن تؤثر على سلوك المتغير التابع فى المستقبل ، سواء كانت هذه المتغيرات ذات طابع كمى أو ذات طابع وصفى ويمكن تحويلها بطريقة أو بأخرى إلى متغيرات كمية (كما هو الحال فى طريقة الإحلال أو طريقة الأوزان النسبية) .

المدخل الرقابى Control Approach :
          يختص هذا المدخل بتحديد المتغيرات الداخلية والخارجية التى يمكن أن تؤثر فى الحكم على سلوك المتغيرات التابعة خلال فترة زمنية معينة فالهدف من صياغة المدخل الرقابى الوصول إلى قياس للأداء يمكن من خلاله الحكم على كفاءة الأداء الفعلى ، عن طريق مقارنة مقياس الأداء المستهدف مع الأداء الفعلى لتحديد الانحرافات أو الخطأ تمهيداً لاستكمال بقية دورة الرقابة على التكلفة ([2]) .

          ويهدف الأسلوب الكمى المقترح استخدامه إلى تحديد العدد الملائم لأوعية التكلفة الذى يتم من خلاله الحصول على أفضل درجة دقة فى مخرجات نظام التكاليف ، مع الأخذ فى الاعتبار تكلفة الحصول على هذه المخرجات ، وعلى ذلك إذا ما تحدد العدد الفعلى لأوعية التكلفة المخصصة لاستيعاب بنود التكاليف غير المباشرة بعدد مخالف عن العدد المحدد لأوعية التكلفة ، يكون النظام بصدد إنتاج مخرجات لا تتصف بالملائمة إما لوجود أخطاء كان يمكن إلغاؤها فى البيانات أو المعلومات المستمدة من نظام التكاليف ، وإما لارتفاع تكلفة الحصول على هذه المعلومات التى يتوافر فيها قدر أكبر للدقة الملائمة من القدر المطلوب .

          وعلى ذلك يرى الباحث أن الهدف من تحديد العدد الملائم لأوعية التكلفة هو الحصول على معلومات عن بيانات تكاليفية تتصف بقدر عال من الدقة وأن هذا القدر من الدقة هو الهدف أو الذى يسعى النظام إلى تحقيقه ، الأمر الذى يعنى أن نموذج تحديد العدد الملائم لأوعية التكلفة يمكن النظر إليه على اعتباره نموذج رقابى ، يتمثل جانبه الرقابى فى تحديد مدى الخطأ فى دقة المخرجات عن طريق مقارنة المخرجات لنظام التكاليف القائم ، بالمخرجات المستمدة من النظام حالة تطبيق المدخل المقترح .

ثانياً - مبررات تطوير نظام المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط :
من الدلائل التى تشير إلى ضرورة تطوير نظام المحاسبة عن التكلفة الآتى :
1 – اتجاه ربحية المنشأة إلى الانخفاض على الرغم من ارتفاع المبيعات :
          تشير العلاقة المنطقية بين حجم المبيعات والربحية إلى وجود علاقة ارتباطيه قوية بينها ، حيث تتجه الربحية إلى الانخفاض مع زيادة مبيعات المنشأة خاصة فى حالة اتجاه أسعار بيع منتجات المنشأة إما إلى الثبات وإما إلى الارتفاع ([3]) ، وتتحدد الربحية المتوقعة للمنشأة فى ضوء تشكيله المزيج الأمثل التى تتحدد بدورها فى ضوء بيانات التكلفة المستمدة من نظام التكاليف المطبق بالمنشأة . فإذا ما تحددت التكلفة بأسلوب غير سليم ، ادى ذلك إلى حدوث خطأ فى حسابات التكلفة المرتبطة بالمزيج السلعى الذى تقدمه المنشأة ، الأمر الذى ينعكس على نوعية منتجات المزيج السلعى الأمثل ، أو على الكميات المرتبطة بكل منتج من منتجات هذا المزيج السلعى .

          وبناء على ما سبق يرى الباحث أن التحديد الخاطئ للمزيج السلعى الناتج عن خطأ فى حسابات التكلفة من شأنه أن يؤثر على ربحية المنشأة فى اتجاهها غير المخطط نتيجة للتوسع فى إنتاج منتجات أقل ربحية وذلك على حساب التوسع فى إنتاج بعض المنتجات ذات الربحية المنخفضة ، الأمر الذى قد يؤدى فى النهاية إلى مشكلة انخفاض ربحية المنشأة على الرغم من زيادة مبيعاتها الكلية ، أى مشكلة التعظيم الجزئى للربحية .

2 – ارتفاع الوزن النسبى للانحراف أو للخطأ فى حساب التكلفة :
          يعد استمرارية انحرافات التكلفة الفعلية عن التكلفة المخطط لها بالرغم من اتخاذ الإجراءات العلاجية التى تمنع حدوث تلك الانحرافات قد يعطى مؤشراً عن وجود خطأ أما فى حساب التكلفة المخططة المتخذة كأساس للرقابة وتقييم الأداء ، وإما فى حساب التكلفة الفعلية محل الرقابة والتقييم ، الأمر الذى قد يشير إلى احتمالات وجود بعض أوجه القصور فى نظام التكاليف المطبق بالمنشأة .

3 – تجاهل متخذى القرار لمخرجات نظام المحاسبة عن التكلفة :
          تعتبر نتائج القرار محصلة لمجموعة من المتغيرات التى من أهمها المستوى الإدراكى لمتخذ القرار – ومدى جودة المعلومات المقدمة لمتخذ القرار ، فكلما كان هناك معلومات مستمدة من نظام المحاسبة عن التكلفة تتصف بالدقة والموضوعية ومقدمة لمتخذ قرار ذو مستوى إدراكى مرتفع ، أمكن اتخاذ قرارات إدارية رشيدة من شانها تعظيم ربحية المنشأة .
          ومن ناحية أخرى تظهر المشكلة بين متخذى القرار وبين نظام المحاسبة عن التكلفة حالة عدم وجود مطابقة للنتائج الفعلية مع النتائج المخططة وإذا كان هناك من الناحية السلوكية صعوبة فى تغيير متخذ القرار لمستواه الإدراكى ، أو فى الحصول على مستوى أفضل من المعلومات المستمدة من النظام الحالى للمحاسبة عن التكلفة ، فإن النتيجة المنطقية لهذه المشكلة هو تخلى متخذ القرار عن المخرجات المقدمة إليه بواسطة نظام المحاسبة عن التكلفة واعتماده فى اتخاذ القرار على رصيد الخبرة المتوافر لديه .

4 – عدم خطية العلاقة بين التكلفة المحملة وأساس التحميل :
          تعتبر شرط خطية العلاقة بين التكلفة المحملة على وحدات الإنتاج وبين أساس التحميل أو محرك التكلفة أحد الشروط الواجب توافرها للحصول على مخرجات سليمة من نظام التكاليف وبمقدار بعد هذه العلاقة عن الخطية يعتبر مقدار التشكك فى سلامة أو دقة المخرجات المستمدة من نظام التكاليف . ([4])
          وفى إطار اختبار شرط الخطية تقدم أساليب التحليل الإحصائى مساهمتها للتحقق من توافر العلاقة الخطية بين تكلفة المركز وأساس التحميل أو بين تكلفة النشاط ومحرك أو مسبب التكلفة فى ظل مدخل تكلفة النشاط ، ومن بين هذه الأساليب التى يمكن أن تقدم مساهمات فعالة فى اختبار مدى قوة العلاقة بين تكلفة نشاط معين وبين سلوك محرك أو مسبب التكلفة طريقة الانتشار وأساليب الانحدار أو الارتباط على اختلاف أنواعها (بسيط – متعدد) ويجدر الإشارة فى هذا الصدد إلى مجموعة الملاحظات التالية :
-   أن علاقة الارتباط فى إطار مدخل المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط من المتوقع أن تكون أكثر قوة عنها فى حالة مدخل المحاسبة عن التكلفة على أساس الحجم (فى ظل المدخل التقليدى للمحاسبة عن التكلفة) .
-   أن خطية العلاقة بين تكلفة نشاط معين وبين أساس تحميل لمحركات التكلفة أو مسببات التكلفة المرتبطة بهذا النشاط . تمثل واحدة من المحددات المرتبطة بدقة البيانات أو المعلومات المستمدة من نظام التكاليف . وكلما كانت هذه العلاقة الخطية قوية وطردية وتسير فى اتجاه واحد فقط صعوداً أو هبوطاً أمكن الاعتماد على المخرجات المستمدة من نظام التكاليف والحكم على مصداقيتها ، أياً كان المدخل المتبع فى تحميل وقياس تكلفة المنتجات .
-   كلما زادت بنود التكلفة المتغيرة ضمن تكلفة النشاط على حساب بنود التكاليف الثابتة زاد تبعاً لذلك معامل الارتباط بين التكلفة من ناحية وبين أساس التحميل من ناحية أخرى ، ويرجع ذلك إلى أن زيادة التكلفة الثابتة فى هيكل التكلفة النشاط قد يضعف من قوة العلاقة الارتباطية بين المتغيرات .

5 – الاستفادة من الوفورات الضريبية :
          أن أهمية تخصيص الخطأ فى البيانات أو المعلومات المستمدة من نظام التكاليف قد لا تقتصر على مجرد أهميتها فى اتخاذ القرارات الإدارية الرشيدة ، وإنما تمتد أيضاً لتشمل ما يمكن أن يحققه هذا المدخل من وفر ضريبى ، إن التحول من القياس غير السليم إلى القياس السليم لتكلفة هذه المنتجات من شأنه أن يحقق وفراً فى بعض الحالات ، يمكن التعبير عنه كمياً فى ضوء العلاقة الرياضية التالية : ([5])

Ts = (AE x ID) TR
حيث :
TS : الوفر الضريبى الناتج عن القياس السليم لتكلفة منتجات المنشأة .
AE : أخطاء التحميل بالزيادة فى تكلفة المنتجات التى تقدمها المنشأة .
ID : نسبة الفرق بين متوسط خطأ تحميل المنتجات بالزيادة وبين خطأ تحميل المنتجات بالنقص إلى تكلفة الإنتاج .
TR : معدل الضريبة على أرباح المنشأة .

          ويرى الباحث أن الوفر الضريبى الناتج عن تطوير نظام التكاليف المطبق بالمنشأة والوصول إلى أرقام تكلفة للمنتجات أكثر دقة لا يتحقق إلا إذا توافرت الشروط التالية :
·   انخفاض كمية الموارد الاقتصادية المستخدمة بواسطة المنتج (المنتجات) من محرك التكلفة فى إطار النظام المطور للمحاسبة عن التكلفة ، مقارنة بالكمية المستخدمة بواسطة نفس المنتج (المنتجات) من أساس التحميل فى إطار النظام السابق .
·   كبر متوسط الزيادة فى تحميل المنتجات عن متوسط الانخفاض فى تحميل تكلفة هذه المنتجات ، وذلك خلال سنة التحول من النظام القائم إلى النظام المطور .
·        الزيادة المطردة فى التكاليف غير المباشرة أو التكاليف الإضافية .
·        الزيادة المطردة فى حجم الإنتاج .
·        اتباع القواعد المحاسبية التى تسمح برسملة الخسائر .

إن أسلوب تحليل الانحرافات كان المحور الرئيسى الذى تركزت حوله أغلب الانتقادات لنظام التكاليف المعيارية ، وأنه لم يعد مناسباً أو كافياً بصورته الحالية لبيئة التصنيع الحديثة ، فلقد ركز هذا الأسلوب على أهمية تحقيق المعايير الموضوعية من عدمه فحسب وأهمل بعض الجوانب الهامة الأخرى ، مما يقتضى العمل على تحسين وتطوير هذا الأسلوب بالشكل المناسب الذى يعكس التحسن الناتج فى الأداء . ([6])
          وبناء على ما سبق سوف يتعرض الباحث لتحليل الانحرافات وتحليل الأخطاء بشىء من الإيجاز لما لها من أثر إيجابى فى عملية تحميل التكاليف الصناعية غير المباشرة فى ظل مدخل النشاط ، ونظراً لارتباط هذا التحميل بالأسلوب الكمى الذى يقدمه الباحث .

ثالثاً - التفرقة بين تحليل الانحراف وتحليل الخطأ :
          يختلف مفهوم الانحراف Variance عن مفهوم الخطأ Error فى وإن كان كلاهما يعتمد فى إيجاده على مفهوم التكلفة المحسوبة بدون خطأ Benchmark Cost  سواء كان ذلك فى مرحلة التخطيط أو كان ذلك فى مرحلة قياس التكلفة الفعلية – التى يمكن الحصول عليها إما داخلياً أو خارجياً فى مرحلة التخطيط ، ويقصد بالتكلفة المحسوبة بدون خطأ (أو التكلفة السليمة) التكلفة المخططة التى روعى فى تقديرها الأسس العلمية والفنية الصحيحة ، والانحراف كما هو متفق عليه ما هو إلا الفرق بين التكلفة الفعلية والتكلفة المخططة .

          فى مرحلة قياس التكلفة يقصد بالتكلفة السليمة تلك التكلفة الفعلية التى حسبت بدون أى خطأ سواء كان ذلك فى مرحلة حصر بنود التكاليف أو فى مرحلة التوجيه المحاسبى لبنود التكاليف أو فى مرحلة تحميل التكاليف على المنتجات سواء كان هذا الخطأ مرتبطاً بمنتج معين أو أى وحدة تكلفة أخرى . وعليه فالخطأ هو مقدار الفرق بين التكلفة الفعلية المحسوبة بدون خطأ وبين التكلفة الفعلية المستمدة من نظام التكاليف .

          اختصاراً يمكن القول بأن الانحراف هو الفرق بين مفهومين مختلفين للتكلفة : الأول تكلفة مخططة ، والثانى تكلفة فعلية ، أما الخطأ فهو الفرق بين قياسيين مختلفين لنوع واحد من التكلفة يتمثل فى التكلفة الفعلية . واستناداً على ذلك لابد أن يساوى مجموع الأخطاء فى حساب التكلفة (الخطأ الإجمالى) على مستوى المنشأة "الصفر" ، فالخطأ ناتج عن عدم عدالة توزيع التكلفة الفعلية الكلية على وحدات التكلفة . وعلى العكس من ذلك ليس بالضرورة أن يساوى الانحراف الكلى أو الإجمالى على مستوى المنشأة "الصفر" . ويمكن توضيح الفرق بين تحليل الانحراف وتحليل الخطأ فى الآتى : ([7])

          فى صياغة رقمية إذا ما فرض أن منشأة ما تقوم بإنتاج منتجين فقط وكانت التكلفة المعيارية لكلا المنتجين 10000 ، 15000 جنيه على التوالى ، وبلغت التكلفة الفعلية للمنتجين 12000 ، 14000 جنيه على التوالى ، وإذا ما فرض أن القياس السليم لتكلفة كلا المنتجين قد أسفر عن وجود تحميل بالزيادة للمنتج الأول قدره 1000 جنيه على حساب تدنيه تكلفة المنتج الثانى . ارتباطاً بهذا المثال الرقمى المبسط يلاحظ أن الانحراف الكلى الناتج عن الفرق بين التكلفة المعيارية والتكلفة الفعلية يساوى 1000 جنيه ، نصيب المنتج الأول انحراف إسراف 2000 جنيه ، ونصيب المنتج الثانى انحراف وفر 1000 جنيه ، أما الخطأ فى حساب تكلفة المنتج الأول يساوى 1000 جنيه خطأ تحميل بالزيادة وهو ناتج عن طرح التكلفة المقاسة بدون خطأ 11000 جنيه والتكلفة المقاسة بخطأ 12000 جنيه ، أما الخطأ فى حساب تكلفة المنتج الثانى فإنه يساوى أيضاً 1000 جنيه نقص تحميل وهو ناتج عن طرح تكلفة المنتج الثانى المقاسة بدون خطأ 15000 جنيه من التكلفة المقاسة بخطأ 14000 جنيه. ومن الملاحظ أن التكلفة الفعلية الكلية للمنتجين حالة وجود الخطأ تساوى 26000 جنيه ، أى أن الخطأ الكلى يساوى "الصفر" .

1 - تحليل الانحراف :
           يحلل الانحراف الكلى للتكلفة – عادة – نوعاً إلى انحراف مواد ، وعمالة ، وخدمات (مصروفات) كخطوة تمهيدية لتحليلات أكثر تفصيلاً ، حيث يحلل كل انحراف من هذه الانحرافات إلى مجموعة من الانحرافات الفرعية ، وهذا من ناحية .
          ومن ناحية أخرى يحلل الانحراف الكلى للتكلفة – حالة الاستعانة بالأساليب الإحصائية فى صياغة معايير التكلفة – إلى خمسة أنواع من الانحرافات : ([8])
( أ ) انحراف نتيجة خطأ النموذج : Model Error
يظهر هذا الانحراف نتيجة خطأ فى صياغة المتغيرات التى على أساسها حُددت التكلفة المخططة ، كأن يتم تجاهل بعض المتغيرات الجوهرية فى تأثيرها على التكلفة المخططة وعدم تضمينها للنموذج ، أو كان يتم إدراج متغيرات لا ترتبط بالتكلفة المخططة المراد قياسها ضمن متغيرات النموذج .

(ب) انحراف نتيجة خطأ التنبؤ : Prediction Error
يظهر هذا الخطأ ليس نتيجة خطأ فى تمثيل المتغيرات ، ولكن نتيجة خطأ فى تقدير معاملات المتغيرات المفسرة التى يتضمنها النموذج ، كأن يكون هناك خطأ فى حساب الرقم الثابت لمعادلة الانحدار .

(جـ) انحراف نتيجة خطأ القياس : Measurement Error
          يظهر هذا الانحراف نتيجة بعض أوجه القصور فى نظام التكاليف المطبق بالمنشأة ، سواء ارتبط هذا القصور بأخطاء التوجيه المحاسبى لبعض بنود التكاليف ، أو ارتبط هذا القصور بضعف كفاءة العاملين بالإدارة المالية بصفة عامة أو حسابات التكاليف بصفة خاصة .

(د ) انحراف نتيجة خطأ التنفيذ : Implementation Error
          يظهر هذا الانحراف نتيجة عدم قدرة الإمكانيات المادية والبشرية بالمنشأة على تنفيذ معدلات الأداء المستهدفة ، كأن يفشل عمال الإنتاج فى تنفيذ الإنتاج وفقاً للمعدلات المعيارية أو المخططة ، سواء من حيث جودة الإنتاج أو من حيث الالتزام ببنود التكاليف اللازمة للعملية الإنتاجية .

(هـ) انحراف نتيجة الخطأ العشوائى : Random Error
          يظهر هذا الانحراف نتيجة عوامل أو متغيرات يصعب تكرارها أو التنبؤ بها ، ولذا توصف هذه المتغيرات أو العوامل بالعشوائية (الصدفة) ، كأن يحدث انحراف نتيجة حدوث زلزال أدى إلى تعطل العملية الإنتاجية بالمنشأة وإن كانت هذه المتغيرات يصعب التحكم فيها أو السيطرة عليها ، إلا أن كفاءة الإدارة تظهر فى كيفية التعامل مع الآثار التى تحدثها هذه المتغيرات العشوائية .

2 - تحليــل الخطــأ :
          إذا كان من الملاحظ أن هناك وفرة فى الكتابات المحاسبية التى تناولت مفهوم الانحراف وتحليله سواء من الناحية النوعية أو من الناحية الإحصائية ، إلا أنه فى المقابل يلاحظ قلة الكتابات المحاسبية التى تناولت مفهوم الخطأ وتحليله . ([9])

          ويمكن إرجاع هذه القلة إلى أن مفهوم الخطأ بدأ فى الظهور مع بدايات تناول مدخل المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط ، ذلك المدخل الذى لم يظهر وينتشر إلا فى أوائل الثمانينات من القرن العشرين ، أى مفهوم الخطأ و تقليله يعد مفهوماً حديثاً نسبياً .

          ويرى الباحث إن شكوى مستخدمى المعلومات والقائمين على إدارة أعمال المنشآت نتيجة عدم دقة البيانات المستمدة من نظم التكاليف القائمة على أساس الحجم Based Costing Volume ، كانت من بين الأسباب التى أدت إلى ظهور مدخل المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط – وقد أدى هذا التحول فى حساب التكلفة بدوره إلى ظهور الاختلاف فى مبالغ التكلفة الخاصة بالمنتجات حالة اتباع مدخل المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط ، عنها حالة المدخل التقليدى (نظم التكاليف القائمة على أساس الحجم) ، وقد أطلق على هذا الاختلاف لفظ "الخطأ فى حساب التكلفة" .

          وإذا ما فرض أن التكلفة المستمدة من مدخل المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط تمثل المعلومات المقبولة من قبل مستخدميها نتيجة مصداقيتها ، فإن الخطأ فى قياس تكلفة منتج معين – ارتباطاً بهذه الحالة – يمكن التعبير عنه بمقدار الفرق بين رقم تكلفة هذا المنتج حالة تطبيق مدخل المحاسبة عن التكلفة على أساي النشاط وبين رقم التكلفة حالة تطبيق مدخل المحاسبة عن التكلفة على أساس الحجم .
          وإذا كانت الصفة الغالبة فى تحليل انحرافات التكلفة أن يتم التحليل على المستوى النوعى لعناصر التكاليف ، فإنه فى المقابل يلاحظ أن تحليل الخطأ فى حساب التكلفة غالباً ما يتم على مستوى كل منتج ، وبحيث يحلل الخطأ الكلى المساوى للصفر إلى أخطاء حساب تكلفة كل منتج من المنتجات ، كخطوة تمهيدية لتحليل الخطأ الخاص بكل منتج إلى مجموعة تحليلية من الأخطاء ([10]) . هذا ويحلل الخطأ الخاص بكل منتج أى مجموعة فرعية من الأخطاء، وهذه الأخطاء التحليلية تتمثل فى :

( أ ) خطأ الدمج : Aggregation Error
          يظهر خطأ الدمج نتيجة استخدام عدد من أوعية التكلفة أقل من العدد الملائم ، كأن يتم دمج تكلفة نشاط دوران الآلات مع تكلفة نشاط شئون العاملين ضمن وعاء واحد يحملا على المنتجات استناداً على معدل تحميل واحد .
(ب) خطأ التحديد : Specification Error
          يظهر خطأ التحديد نتيجة استخدام أساس تحميل غير ملائم فى تحميل تكلفة وعاء معين على المنتجات المستفيدة ، كأن يتم استخدام ساعات العمل المباشر فى تحميل تكلفة وعاء الصيانة على الوحدات المنتجة .

(جـ) خطأ التقدير : Estimation Error
يظهر خطأ التقدير نتيجة استخدام الحكم الشخصى أو الأساس التقريبى فى توزيع بنود التكاليف المشتركة على أوعية التكلفة ، كأن يتم تحديد وقت التجهيز الخاص بكل منتج على أساي تقديرى أو على أساس خبرة الملاحظ أو المشرف وليس على أساس الوقت المستغرق فى التجهيز بواسطة كل منتج .


(د ) خطأ القياس Measurement Error
          يظهر خطأ القياس نتيجة عدم ملائمة نظام التكاليف المطبق لطبيعة المنشأة ، أو نتيجة ضعف كفاءة القائمين على أعمال الإدارة المالية بصفة عامة وإدارة التكاليف بصفة خاصة.
          هذا ، وتجدر الإشارة إلى أن وجود الخطأ أو تحليله لا يقتصر على حالة تطبيق المنشأة لمدخل المحاسبة عن التكلفة على أساس الحجم (المدخل التقليدى للمحاسبة عن التكلفة) ، ولكنه بالطبع يمتد ليشمل الخطأ فى حساب التكلفة حالة اتباع المنشأة لمدخل المحاسبة عن تكلفة على أساس النشاط ، بل إن النتائج المستمدة من نظام التكاليف حالة تطبيق مدخل المحاسبة من التكلفة على أساس الحجم قد تكون أفضل من حالة تطبيق مدخل المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط ، إذا لم يراع التصميم الجيد للنظام أو للشروط الواجب توافرها عند تطبيق هذا المدخل للمحاسبة عن التكلفة للتعرف على مفهوم تحليل الخطأ بصورة أكثر وضوحاً، ولتوضيح حالة اتباع المنشأة لمدخل المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط يمكن صياغة المثال المبسط التالى :
بفرض أن تكلفة نشاط التجهيز المحملة على المنتج (س) فى ظل المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط بلغت 3000 جنيه ، وهى عبارة عن محصلة نصيب المنتج من محرك تكلفة نشاط التجهيز (1000 ساعة تجهيز) مرجحة بمعدل تحميل تكلفة نشاط التجهيز (3 جنيه لساعة التجهيز) . وبفرض أن تكلفة التجهيز المحملة على المنتج (س) فى ظل اختيار ساعات دوران الآلات كمحرك تكلفة نشاط التجهيز قدمت بمبلغ 4800 جنيه ، عبارة عن 1200 ساعة دوران مرجحة بمعدل تحميل نشاط التجهيز 4 جنيه .

          وطبقاً لمعيار أو مفهوم المنطقية المسبقة الذى قدمه (Horngren) عام 1984 ([11])، يمكن القول بأن ساعات التجهيز تعد محركاً أساسياً لتكلفة نشاط التجهيز أكثر ملاءمة من ساعات دوران الآلات ، وعلى ذلك فالتكلفة السليمة للمنتج (س) من تكلفة نشاط التجهيز تقدر بنحو 3000 جنيه ، الأمر الذى يعنى أن الخطأ فى حساب نصيب المنتج من تكاليف نشاط التجهيز يقدر بمبلغ 1800 جنيه ، عبارة عن الفرق بين نصيب المنتج المحسوب وفقاً لساعات التجهيز كمحرك أو مسبب تكلفة (3000 جنيه) وبين نصيب المنتج المحسوب وفقاً لساعات الدوران كمحرك أو مسبب تكلفة (4800 جنيه) .

          استناداً على ذلك يمكن صياغة معادلتى التكلفة السليمة والتكلفة غير السليمة للمنتج (س) ارتباطاً بتكلفة نشاط التجهيز على النحو التالى : ([12])
التكلفة السليمة المقاسة بدون خطأ = كمية الاستفادة  العادلة للمنتج من محرك التكلفة ×
  معدل التحميل الملائم تكلفة نشاط التجهيز
التكلفة المقاسة بخطأ = كمية الاستفادة للمنتج من محرك التكلفة غير الملائم ×
      معدل التحميل غير الملائم لتكلفة نشاط التجهيز
التكلفة السليمة للمنتج (س) من تكاليف نشاط التجهيز = 1000 × 3           = 3000 جنيه
التكلفة المقاسة بخطأ للمنتج (س) من تكاليف نشاط التجهيز = 1200 × 4 = 4800 جنيه
الخطأ فى تحميل تكلفة نشاط التجهيز                                         = 1800ج

          هذا ويمكن تحليل هذا الخطأ إلى خطأ معدل تحميل تكلفة النشاط وخطأ كمية محرك أو مسبب تكلفة النشاط على النحو التالى :
خطأ معدل تحميل تكلفة النشاط = (المعدل الملائم – المعدل غير الملائم) × كمية محرك التكلفة
                                                                             المستفيدة فعلاً
خطأ معدل تحميل تكلفة النشاط = (3 – 4) × 1200 = 1200 جنيه .

          يعنى هذا الخطأ أن هناك زيادة فى تحميل تكلفة المنتج (س) قدرها 1200 جنيه ، بالقطع على حساب تدنيه تكلفة منتج أو منتجات أخرى بمبلغ مساوى لـه وإذا ما كان معدل التحميل لتكلفة النشاط ما هو إلا خارج قسمة تكلفة النشاط على إجمالى محرك التكلفة المستنفذ بواسطة تشكيلة المنتجات التى تقدمها المنشأة ، فإنه يمكن إرجاع خطا معدل التحميل إلى خطأ الدمج الناتج عن تضمين تكلفة نشاط التجهيز لتكلفة نشاط أو أنشطة أخرى ، أو نتيجة خطأ القياس الناتج عن خطأ فى حساب تكلفة التجهيز الفعلية بسبب خطأ التوجيه المحاسبى لبعض بنود التكاليف (أى أن الخطأ كان فى بسط معادلة معدل تحميل تكلفة النشاط) ، وكذلك يمكن إرجاع خطأ المعدل إلى خطأ التحديد الناتج عن استخدام محرك تكلفة غير ملائم (أى خطأً فى مقام معادلة معدل تحميل تكلفة النشاط) .

خطأ كمية تحميل محرك تكلفة النشاط = (المستخدم من المحرك الملائم – المستخدم من
                                           المحرك غير الملائم) × المعدل الملائم للتحميل
خطأ كمية تحميل محرك تكلفة النشاط = (1000 – 1200) × 3 = 600 جنيه .

          يعنى هذا الخطأ أن هناك زيادة فى تحميل تكلفة المنتج (س) قدرها 600 جنيه على حساب تدنيه تكلفة منتج أو منتجات أخرى بمبلغ مساوى لـه . ويمكن إرجاع خطأ كمية تحميل محرك تكلفة النشاط إما إلى خطأ فى قياس كمية المحرك المستنفذة بواسطة المنتج ، وإما إلى خطأ فى تقدير الكمية المستنفذة بواسطة المنشأة من هذا المحرك .

الصياغة الرياضية لنموذج تحديد العدد الملائم لأوعية التكلفة المخصصة لاستيعاب بنود التكاليف غير المباشرة :
          يقصد بمعيار الاقتصادية فى إطار تحديد العدد الأمثل لأوعية التكلفة مدى فعالية تشغيل نظام التكاليف الخاصة بعمليات تجميع وتصنيف ومعالجة المعلومات المرتبطة بأوعية التكلفة المخصصة لاستيعاب بنود التكاليف غير المباشرة أو الإضافية ، وما يرتبط بأوعية التكلفة من محركات / مسببات .

          ويرى الباحث أنه من الطبيعى أن يترتب على عملية الدمج لوعاء أو أكثر من أوعية التكلفة تخفيض فى عدد أوعية التكلفة ، الأمر الذى يعنى أن هناك جهداً أقل فى تجميع بعض البيانات المرتبطة بمحركات التكلفة أو فى تحليل بعض بنود التكاليف على مستوى الأنشطة ، بما يؤدى فى النهاية إلى تخفيض تكلفة تشغيل نظام التكاليف . وغالباً ما ينبع هذا التخفيض نتيجة عدم تجميع وتحليل ومراجعة البيانات المرتبطة بمحركات التكلفة الخاصة بالوعاء أو الأوعية التى دمجت فى وعاء آخر للتكلفة . ارتباطاً بالأخطاء التى يمكن أن تشتمل عليها البيانات أو المعلومات المستمدة من نظام التكاليف المطبق بالمنشأة والمرتبطة بمنتج معين (J) ، مقارنة بنظام آخر للتكاليف يمكن الحصول من خلاله على معلومات لا تحتوى على أخطاء ، فإن هذه الأخطاء يمكن أن تتحدد فى ضوء العلاقة الرياضية التالية :
TE (j) = T C J (B) – T C J (A)
حيث :
TE (J) : الخطأ الكلى فى البيانات أو المعلومات المستمدة من نظام التكاليف .
T C J (B) : التكلفة المقاسة بدون خطأ .
T C J (A) : التكلفة المقاسة بخطأ .

          وحيث أن الخطأ فى قياس تكلفة منتج معين قد يأخذ واحداً من الاتجاهين ، إما اتجاه المغالاة (التضخيم) فى تكلفة المنتج على حساب تدنيه (تخفيض) تكلفة منتج واحد أو أكثر من تكلفة المنتجات الأخرى ، وإما اتجاه تدنيه (تخفيض) تكلفة هذا المنتج على حساب المغالاة (تضخيم) تكلفة واحد أو أكثر من تكلفة المنتجات الأخرى . وأمام هذين الاتجاهين المتضادين ولتقييم مدى صحة المعلومات المستمدة من نظام التكاليف بصورة شمولية ، وحتى لا تختفى أخطاء المغالاة مقابل أخطاء التدنية أو العكس ، فإنه يمكن الاستعانة بنفس إجراءات المعالجة الإحصائية المتبعة فى تحديد الانحراف المعيارى على النحو التالى :
1 – تربيع الخطأ فى قياس المعلومات المستمدة من نظام التكاليف بالنسبة لكل منتج على حدة ، وتتحقق هذه الخطوة بالعلاقة الرياضية التالية :
[TE (J)]2 = [TCJ (B) – TCJ (A)]2

2 – إيجاد مجموع مربعات الخطأ فى المعلومات المستمدة من نظام التكاليف ارتباطاً بجميع المنتجات التى تقدمها المنشأة . وتتحقق هذه الخطوة بالعلاقة الرياضية التالية :
[TE (J)]2 =  [TCJ (B) – TCJ (A)]2

3 – إيجاد الجذر التربيعى لمجموع مربعات الخطأ بالنسبة لعناصر المزيج السلعى الذى تقدمه المنشأة . وتهدف هذه الخطوة إلى منع عملية محو أخطاء التدنية مع أخطاء المغالاة . وتتحقق هذه الخطوة عن طريق المعالجة الرياضية التالية :
 

[TECJ]2 =          [TCJ(B) – TCJ(A)]2

          وعلى ذلك يمكن القول بأن الأخطاء المستمدة من نظام التكاليف ارتباطاً بقياس تكلفة منتجات المزيج السلعى الذى تقدمه المنشأة ، يمكن قياسها كمياً عن طريق إيجاد الجذر التربيعى لمجموع مربعات أخطاء كل منتج من هذه المنتجات .

          هذا ، وفيما يتعلق بالوفر الذى يمكن أن تحدثه عملية دمج بعض أوعية التكلفة – والذى يحدث غالباً نتيجة اختصار لبعض الأعمال المحاسبية المرتبطة بقياس عناصر التكاليف أو محركات التكلفة بالنسبة لأوعية التكلفة التى تم دمجها فى إطار وعاء آخر . فإنه يتم مقابلته بالأخطاء المستمدة من نظام التكاليف . وإذا ما فرض أن الوفر فى تكلفة كل وعاء قابل للدمج تتحدد رمزياً بالرمز [SCI (A)] .
          فمن ثم يتحدد مقدار الوفر فى تكلفة تشغيل النظام نتيجة عملية الدمج لبعض أوعية التكلفة فى ضوء المقدار المعبر عنه رمزياً بالرمز :
[SCI (A)] = [SCI (A)]

          وبتحديد طرفى علاقة معيار الاقتصادية الطرف الإيجابى الخاص بالوفر فى تكلفة تشغيل نظام التكاليف ، والطرف السلبى الخاص بالأخطاء المستمدة من نظام التكاليف نتيجة عملية الدمج ، فإن عملية المقابلة بين هذين الطرفين قد تتم فى اتجاهين : ([13])
الاتجاه الأول :
          مقابلة الوفر فى تكاليف تشغيل النظام نتيجة دمج وعاء أو أكثر من أوعية التكلفة فى تكلفة وعاء آخر ، مع الجذر التربيعى لمجموع مربعات الأخطاء الناتجة عن عملية الدمج . ومن الطبيعى أن يتجه هدف المنشأة نحو تعظيم الوفر وتدنيه الخطأ ، ومن ثم يتحدد العدد الأمثل لأوعية التكلفة فى ضوء العلاقة الرياضية التالية :

 

Max [SCI(A) –        [TCJ (B) – TCJ (A)]2]

          وهذا ، هو الاتجاه الذى استند عليه كل من Babad & Balachandram ([14]فى محاولة صياغة نموذج رياضى لتحديد العدد الأمثل لعدد الأوعية المخصصة لاستيعاب بنود التكاليف غير المباشرة ، ويقوم النموذج على افتراض أن ليس لكل الأنشطة قدراً واحداً من الأهمية ، الأمر الذى يعنى أن هناك ضرورة لإعطاء بعض الأوزان النسبية للأنشطة الاستراتيجية ذات الأهمية النسبية المرتفعة) .

الاتجاه الثانى :
يقوم الاتجاه الثانى على أساس رفض فكرة مقابلة الوفر الناتج عن الدمج مع الجذر التربيعى لمربعات الأخطاء المرتبطة بحسابات تكلفة عناصر المزيج السلعى الذى تقدمه المنشأة ، وذلك على الرغم من أن طرفى معيار الاقتصادية يتم التعبير عنهما فى صورة مالية ، فالوفر فى التكلفة الناتج عن عملية الدمج يمكن التعبير عنه فى صورة مالية أيضاً ، وكذلك فإن الخطأ فى حساب التكلفة يتم التعبير عنه أيضاً فى صورة مالية . ويستند هذا الاتجاه فى رفضه للاتجاه الأول إلى "غموض أو عدم وضوح العلاقة بين الوفر فى التكاليف وبين الخطأ أو الأخطاء الناتجة عن عملية الدمج .
          استناداً على ذلك تقوم فكرة الاتجاه الثانى على حقيقة أن الوفر فى تكلفة تشغيل النظام من الطبيعى أن تنعكس على ربحية المنشأة بالزيادة ، ومن ثم فهناك حاجة إلى معرفة اتجاه الآثار التى يمكن أن يحدثها الخطأ فى حساب تكلفة منتج معين – والناتج عن عملية الدمج مثلاً – على ربحية المنشأة . وبناء على ذلك تقوم فكرة الاتجاه الثانى على مقابلة الوفر فى تكلفة تشغيل النظام نتيجة عملية الدمج على اعتبار أنه الوجه الأول للتأثير على الربحية بالزيادة ، مع الآثار التى يمكن أن تحدثها عملية الدمج . الناتجة عن الأخطاء فى حساب التكلفة لبعض عناصر المزيج السلعى – على ربحية المنشأة .
          وإذا ما عبر عن الآثار التى تحدثها الأخطاء الناتجة عن الدمج بمقدار جبرى . يمثل مقدار الأرباح الضائعة على المنشأة نتيجة عدم دقة مخرجات نظام التكاليف فى التحديد السليم للمزيج السلعى الذى يحقق للمنشأة أقصى أرباح ممكنة . يمكن التعبير عنه وصفياً بالرمز (L)  فإن دالة هدف النموذج الرياضى لتحديد العدد الأمثل لأوعية التكلفة المخصصة لاستيعاب بنود التكاليف تتحدد فى ضوء العلاقة الرياضية التالية : ([15]) 
Max (SCi – L)

          وأياً كان الاتجاه المتخذ فى تحديد دالة هدف نموذج تحديد العدد الأمثل لأوعية التكلفة ، فإنه يمكن للباحث صياغة هذا النموذج فى ضوء المعادلات الرياضية السابقة ، مستعيناً بأسلوب البرمجة الخطية متعددة الأهداف فى ضوء مجموعة من القيود تتمثل فى الآتى:
( أ ) عدم زيادة أوعية التكلفة المخصصة لاستيعاب البنود غير المباشرة عن عدد معين من الأوعية ، وليكن هذا العدد معبراً عنه فى صورة المتباينة التالية :
I < N

(ب)   عدم قابلية الأنشطة الاستراتيجية للدمج ، نظراً لجوهرية هذه الأنشطة فى تحديد التكلفة الصحيحة لعناصر المزيج السلعى . وإذا ما فرض أن نشاط دوران الآلات (fi) من الأنشطة الاستراتيجية ، فإنه يمكن صياغة هذا القيد فى ضوء العلاقة الرياضية التالية :
f iÏ A

(جـ) عدم زيادة تكلفة تجميع وتحليل وتشغيل البيانات المرتبطة بأوعية التكلفة أو محركاتها، أى تكلفة تشغيل نظام المحاسبة عن التكلفة (Cc S)، عن التكلفة المخططة لها (Z) . ويمكن التعبير عن هذا القيد رياضياً على النحو التالى :
Cc S < Z

          استناداً على ما سبق يمكن صياغة نموذج أولى لتحديد العدد الأمثل لأوعية التكلفة المخصصة لاستيعاب بنود التكاليف الإضافية أو غير المباشرة فى صورة رياضية على النحو التالى:

دالة الهدف :                       Max (s c I (A) . L)
فى ظل القيود التالية :
القيد الأول I < N                 
القيد الثانى f i ÏA
القيد الثالث Cc s < Z
شرط عدم السلبية : N, A, Z, > 0

          هذا وتجدر الإشارة إلى أنه يمكن دمج تكلفة أكثر من نشاط ضمن تكلفة نشاط آخر بمعنى أن تكلفة الوعاء المستوعب لتكلفة أنشطة أخرى قد يشتمل على تكلفة ثلاثة أنشطة أو أكثر . وذلك فى إطار الحالتين الأساسيتين التاليتين :

الحالة الأول :
          انخفاض تكلفة أداء بعض الأنشطة وعدم تأثيرها الجوهرى على قياس تكلفة المنتجات الأخرى التى تقدمها المنشأة وفى إطار هذه الحالة يمكن دمج تكلفة هذه الأنشطة فى تكلفة وعاء آخر ، يتم تحميل تكلفته على المنتجات مرة واحدة . ومن الطبيعى أن يترتب على هذا الدمج حدوث وفر فى تكلفة تشغيل النظام ، خاصة فيما يتعلق بجمع البيانات الصحيحة عن محركات التكلفة المرتبطة بالأنشطة التى تقرر دمجها وتظهر فعالية عملية الدمج هذه نتيجة ارتفاع قيمة الوفر المحقق مقارنة بالخطأ فى حساب التكلفة ، أو مقارنة بالآثار التى يمكن أن يحدثها هذا الخطأ على ربحية المنشأة .

الحالة الثانية :
          وجود نشاط معين تقرر دمجه مرة أولى ضمن تكلفة نشاط آخر ، ومرة ثانية تقرر دمج تكلفة هذا النشاط المعين ضمن تكلفة نشاط ثالث . فى إطار هذه الحالة يمكن دمج تكلفة الأنشطة الثلاثة ضمن وعاء تكلفة واحد يتم تحميل تكلفته على المنتجات مرة واحدة . على سبيل المثال إذا ما أسفرت عملية قياس اقتصادية دمج الأنشطة المستوعبة للتكاليف غير المباشرة أو الإضافية عن جدوى دمج نشاط دوران الآلات مرة أولى مع نشاط الصيانة ، وكذلك جدوى دمج نشاط دوران الآلات مرة ثانية مع نشاط المناولة . فى إطار هذه الحالة يمكن دمج تكلفة الأنشطة الثلاثة السابقة ضمن وعاء تكلفة واحد يتم تحميل تكلفته مرة واحدة على عناصر المزيج السلعى الذى تقدمه المنشأة .

          وبناء على ما سبق وبعد أن استعرض الباحث الأسلوب الكمى الذى توصل إليه لتحديد العدد الأمثل لأوعية التكلفة بناء على أسلوب البرمجة الخطية متعددة الأهداف ، والذى يحاول الباحث من خلاله الوصول إلى أنسب تطوير لتحميل التكاليف الصناعية غير المباشرة فى ظل مدخل النشاط ، يحاول الباحث فى المبحث التالى إجراء دراسة تطبيقية لهذا الأسلوب المقترح فى إحدى الشركات الصناعية الكبرى فى جمهورية مصر العربية ، وذلك للوقوف على المزايا المتوقعة من تطبيق هذا الأسلوب .


([1])  - Drapar, N.R.and Smith, H., Applied Regression Analysis, John Wiley & Sons, Inc., New Jersey, 1994.                                                                                                                           
([2])  - Player, Steve, "Activity-Based Analysis Leads to Better Decision Making", Journal of Healthcare Financial Management, Vol. 52, No. 8, Aug. 1998, Pp. 66 - 70.                        
([3])  - Lindhal, Fredric W., "Activity-Based Costing Implementation and Adaptation", Journal of Human Resource Planning, Vol. 20, No. 2, 1997, Pp. 62 - 66.                                             
([4]) - Fritzch, Ralph, B., "Activity-Based Costing and the Theory of Constraints: Using Time Horizons  to  Solve  Two  Alternative  Concepts  of   Product  Cost",  Journal  of  Applied
 Business Research, Vol. 14, No. 1, Winter 1997 / 1998, Pp. 83 - 89.                                          
([5])  - Dilly, Steven C., Jacobs, Fred H., and Marshall, Ronald M., "The Tax Benefit of ABC", Journal of Accountancy, Vol. 183, No. 3, Mar. 1997, Pp. 34 - 37.                                       
([6])  - Lucas, M., "Standard Costing and Its Role in Today's Manufacturing Environment", Management Accounting, Vol. 75, No. 4, April 1997, Pp. 31 - 34.                                    
([7])  - Fry, T.D., "Manufacturing Performance and Cost Accounting", Production and Inventory Management Journal, Third Quarter, 1997, Pp. 30 - 35.                                                       
([8])  - Horngren, Charles T., Foster, George and Datar, Srikant M., Cost Accounting: A Managerial Emphasis, Prentice - Hall, Inc., Englewood, Cliffs, New Jersey, 1997.            
([9])  - Young, M. and Selto, F., "New Manufacturing Practices and Cost Management: A Review of the Literature and Directions for Research", Journal of  Accounting  Literature, Vol. 10,
 1991, Pp. 265 - 298.                                                                                                                      
([10]) - Dater, Srikant and Mahendra Gupta, "Aggregation, Specification and Measurement Error in Product Costing", The Accounting Review, Vol. 69, No. 4, October 1994, Pp. 567-591.
([11])  - Horngren, Charles T., Cost Accounting: A Managerial Emphasis, Prentice - Hall, Inc., Englewood, Cliffs, New Jersey, 1994.                                                                                  
([12])  - Kerremans, M., Theunisse, H. and Van, G., "Impact of Automation on Cost Accounting", Accounting and Business Research, Vol. 21, No. 82, 1991, Pp. 147 - 155.                         
([13])  د. سعيد يحيى محمود ، "مدخل المحاسبة عن التكلفة على أساس النشاط لتحميل تكلفة إدارة المشتريات على وحدات التكلفة" ، مجلة التكاليف العربية ، القاهرة ، 1996 ، ص. 157 - 162 .
([14])  - Babad, Yair M. and Balachandran, Bala V., "Cost Driver Optimization in Activity-Based Costing", The Accounting Review, Vol. 68, No. 3, July 1993, Pp. 563 - 575.                       
([15])  - Winston, L. Wayne, Operations Research, 4th Ed., Brooks / Cole Publisher, N.Y,2003, Pp. 212 - 230.                                                                                                                               

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق