السبت، 9 مارس 2013

الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية بين الواقع والطموح


الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية  بين الواقع والطموح

تمهيد :
لقد أصبح موضوع العمل المصرفي المتوافق مع الشريعة يحظى بأهمية متزايدة بالنسبة للمهتمين بالاستقرار المالي . بما في ذلك جهات ومؤسسات مالية دولية عديدة , وذلك نظرا للنمو السريع في حجم ونطاق الخدمات المصرفية الإسلامية  في بلدان كثيرة , وقد أبدت تلك الجهات اهتماما بالغا بنمو وتوسع أعمال التمويل المتوافق مع مبدأ تجنب الفوائد وأثره وأبعاده بالنسبة للأسواق المالية والنظام الاقتصادي العالمي .
كما أن المرحلة المقبلة تتحدث عن عهد انفتاح ولقاء مكشوف مع المؤسسات المصرفية العملاقة في تصوير الأرقام والبيانات الحسابية .
وبالوجه الناصح برزت المصارف الإسلامية  في الدول العربية والإسلامية  وخارجها في الآونة الأخيرة , واستطاعت تصميم مجموعات متنوعة ومتزايدة من الخدمات والمنتجات المالية والمصرفية , وأخذت شكل صيغ التحويل والعمليات المصرفية الإسلامية  وبالتالي فرضت وجودها الإقليمي والدولي على الساحة المالية والمصرفية .
وفي الوقت الراهن انتشرت العمليات المصرفية المتوافقة مع الشريعة السمحة في معظم دول العالم من خلال مصارف متوافقة بالكامل مع الشريعة أو من خلال نوافذ يتم تقديم كافة الخدمات والأنشطة التجارية , والاستثمارية , والتأجير , وصناديق الاستثمار , ومنتجات التكافل .
لذا وانطلاقا من حاجة المجتمع الإسلامي  والفرد المسلم إلى أن يجد ملاذا للتعامل المصرفي والاستثماري بعيدا عن شبهة الربا فأن رسالة المصارف الإسلامية  هي ( تقديم الخدمات المصرفية والاستثمارية في ضوء أحكام الشريعة الإسلامية  ) .
ومن هنا جاءت هذه الدراسة المتواضعة لتوضيح أربعة محاور اختص الأول بمنهجية الدراسة وعرض في المحور الثاني مفهوم المصارف الإسلامية وعلاقتها بالمصارف التقليدية وتضمن المحور الثالث مفهوم الرقابة الشرعية ودورها في المصارف الإسلامية، وشمل المحور الرابع الاستنتاجات والتوصيات ثم هوامش الدراسة.

المحور الأول / منهجية الدراسة :
أولاً / مشكلة الدراسة:
تتضح مشكلة الدراسة من خلال التحديات التي تواجه المصارف الإسلامية  والتي تتمثل بالمخاطر التي تتخلل صيغ التمويل والعمليات المصرفية المتوافقة مع الشريعة وبوجه خاص مخاطر الاستثمار , فضلا عن أن المصارف الإسلامية  قد تتحمل مجموعة واسعة من المخاطر تختلف في طبيعتها عن تلك التي تتحملها المصارف الخارجية التقليدية.
ومن خلال عرض المشكلة تقدم الدراسة مجموعة تساؤلات يصعب الحصول على إجابات مقنعة لها وتتمثل بالآتي :
1-  هل قامت المصارف الإسلامية  لغاية رسالية أم لغايات تجارية , خاصة وأن بعض المدافعين عنها بحماس شديد ينطلقون من دواعي عاطفية ظانين أنها قامت لأسباب رسالية لا تجارية ؟
2-       هل يكفي الاسم الإسلامي  الذي يطلق عليها لإعطائها شهادة حسن سلوك , أو شهادة براءة من الربا ؟
3-       هل تكفي الدعاية والإعلان والإعلام والمؤتمرات لإعطائها تفويضا بالعمل دون انتقاد محق وعادل ؟
4-  هل استطاعت هيئات الرقابة الشرعية تخفيف الانتقادات التي وجهت للمصارف الإسلامية  , وهل استطاعت إقناع الناس بصحة أدائها ؟
5-       هل يعد تشجيع المصارف الإسلامية  رغم مخالفاتها للشرع تصرفاً إسلامياً شرعياً؟
6-       لماذا يتم ربط نجاح هذه المصارف بنجاح الإسلام وفشلها بفشل الإسلام وكأنها ذروة سنام الإسلام ؟


ثانياً / أهمية وهدف الدراسة :
تأتي أهمية الدراسة من خلال الاهتمام العالمي المتزايد بالعمل المصرفي الإسلامي  والذي يعزى إلى النمو السريع لهذا النوع من النشاط في حجمه ونطاقه وأهميته سواء في البلدان الإسلامية  أو في أجزاء أخرى من العالم خلال السنوات الأخيرة , وقد انتشر العمل المصرفي الإسلامي  بشكل واسع فيما يربو على خمسة وعشرين بلدا في آسيا وأفريقيا , كما ظهر أيضا في كثير من المراكز المالية في أوربا وأمريكا الشمالية حتى أصبحت المصارف والمؤسسات المالية المتخصصة الرئيسية الدولية تقدم خدمات متوافقة مع الشريعة لتلبية احتياجات شريحة واسعة من الزبائن في هذه الأسواق وفي أسواق الدول الإسلامية  .
كما وتهدف هذه الدراسة إلى الجمع بين الجانب الفقهي والديني والجانب الاقتصادي , الأمر الذي يمكن الاقتصادي من فهم الجوانب الفقهية , ويمكن الفقهي من الاطلاع على بعض الجوانب الاقتصادية .
ثالثاً / أسلوب الدراسة :
تعتبر هذه الدراسة من الدراسات النظرية إذ توضح مفاهيم عديدة للمصارف الإسلامية  وأسلوب عملها ودور الرقابة الشرعية في التحكم بمعاملاتها التجارية , وعرض بعض التوصيات والنصائح التي قد تغني العمل المصرفي الإسلامي، وقد اعتمدت الدراسة على المراجع والأدبيات الرصينة ذات الصلة وبشكل خاص المصادر المستحصلة من شبكة الاتصالات الدولية (الإنترنت) للوصول إلى إطار واضح ومتكامل للموضوع




المحور الثاني / المصارف الإسلامية:
أولاً / مفهوم المصارف الإسلامية  وعلاقتها بالمصارف الربوية:
على الرغم من بعض التجارب البسيطة حول التمويل والاستثمار على أسس إسلامية  التي بدأت في مصرف ماليزيا في فترة الستينات , إلا أن البيانات المتوفرة تشير إلى أن عدد المصارف المالية يزيد على (70) مصرف في العالم تعمل إما في ظل نظام يفترض فيه أن يكون كله إسلامي  كما هو معلن في دول كالسودان وباكستان وإيران أو في دول صدرت فيها قوانين استثنائية لهذه المصارف مع بقاء القوانين المصرفية الربوية كأصل . كما هو الحال في الإمارات والكويت وماليزيا وغيرها من الدول التي تأسست فيها مصارف إسلامية  وان كانت الممارسات الفعلية لكلا الصنفين لا تختلف كثيرا نظرا لعمق تغلغل النظام الاقتصادي الربوي في هذه الدول. (1)
وتعود جذور الخدمات المصرفية الإسلامية  التي تتمحور حول قبول الودائع ورفض الربا إلى أيام الرسول محمد (ص) , ففي ذلك الوقت كان الناس يودعون الأموال لدى النبي محمد (ص) ولدى أبو بكر الصديق (رض) أو خليفة المسلمين . وبدأت بعض أشكال الخدمات المصرفية الإسلامية  بالظهور بشكل حقيقي في سبعينيات القرن الماضي , لكنها واجهت عددا من المشكلات من ناحية الالتزام الكلي بأسس الشريعة الإسلامية  , وخلال الفترة ذاتها بدأ العمل على تطوير أسس المحاسبة الإسلامية  , التي تعتبر أداة حيوية ورئيسية لنجاح المصارف الإسلامية  , إذ تم في العام 1973 عقد أول اجتماع لمؤتمر المنظمة الإسلامية  في السعودية وتم النقاش والتباحث لاتفاق العمل بمعدلات الفائدة المحددة وابتكار أنظمة مالية جديدة ترتكز على تعاليم الدين الإسلامي  الحنيف . وقد ارتكز النموذج النظري الأول للخدمات المصرفية الإسلامية  على مبدأ المضاربة متعددة الإطراف عبر اعتماد مبدأ مشاركة الربح بدلا من مبدأ الفائدة على الودائع والقروض , ويمكن للمصارف الإسلامية  أن تكون وسيطا ماليا مثل المصارف التجارية التقليدية ، ولكن عبر إلغاء مبدأ الفائدة من جميع التعاملات والاعتماد على الشراكة الحقيقية ومبدأ مشاركة الأرباح . (2)
فالإسلام ليس مجرد دين , انه أسلوب حياة وقد جاء القرآن الكريم والسنة النبوية العطرة للرسول (ص) وإتباعه لتمثل منهاجا واضحا لحياتنا بدءا من التحية والترحيب ومرورا بالصلاة وحتى الأكل , ومن هنا يصبح من المنطقي أن تكون معاملاتنا المالية محكومة بتعاليم الدين الإسلامي  الحقيقي , وهذا ما يطلق عليه الخدمات المصرفية الإسلامية  .
إن المعاملات الإسلامية  المصرفية تشير إلى نظام محدد للخدمات المصرفية يتماشى مع أحكام الشريعة ويتبع نهج الاقتصاد الإسلامي  , فالشريعة الإسلامية  تحرم على سبيل المثال الفائدة وتطلق عليها اسم الربا , قال تعالى ((وأحل الله البيع وحرم الربا)) من منطلق أن المال لا يستخدم كسلعة تجلب ربحا وان الربح يأتي من السلع والخدمات فقط وليس من التحكم في المال نفسه. (3)
وأصبحت المصارف الإسلامية  اليوم تشكل منافسة قوية في جميع مجالات العمل المصرفي بعد أن أزالت الصورة التي لازمتها بأنها فقط للمتعاملين المسلمين وتهدف إلى تحقيق الأهداف الدينية , إذ أصبحت الخدمات المصرفية تتمتع بمستوى عال من التقدير وتعتبر بديلا أكثر عدلا وإنصافا من المصارف التقليدية , وهي تجذب المزيد من المتعاملين غير المسلمين , ويحفزهم على ذلك تميز النظام المصرفي الإسلامي  , إذ تصل قيمة الموجودات المالية في المصارف الإسلامية  إلى 500 مليار دولار تقريبا في العالم وهي تنمو سنويا بنسبة 10% في أوربا بحسب دراسة لوكالة ( ستاندرد أند يورز ). (4)
ويشار إلى المصرف الإسلامي  بأنه المصرف الذي يلتزم بتطبيق أحكام الشريعة الإسلامية  في جميع معاملاته المصرفية والاستثمارية من خلال تطبيق مفهوم الوساطة المالية القائم على مبدأ المشاركة في الربح والخسارة , ومن خلال إطار الوكالة بنوعيها العامة والخاصة. (5)
ويؤكد هذا التعريف حاجات المجتمعات الإسلامية  بضرورة وجود جهاز مصرفي يعمل طبقا لأحكام الشريعة الإسلامية  ويقوم بحفظ أمواله واستثمارها بالإضافة إلى توفير التمويل اللازم للمستثمرين بعيدا عن شبهة الربا .
وورد كذلك بأن المصرف الإسلامي هو المصرف الذي يتضمن عقد تأسيسه التزاما بممارسة الأعمال المصرفية المسموح بها على غير أساس الفائدة أخذاً وعطاءً , ووفقا لصيغ المعاملات المصرفية التي لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية  سواء في مجال قبول الودائع وتقديم الخدمات المصرفية الأخرى أو في مجال التمويل والاستثمار. (6)
وفي تقرير لإحدى المعاهد الأمريكية يؤكد بأن المصارف الإسلامية  نجحت في أسلمت آليات عملها , ولكنها لم تنجح بعد في تطبيق جوهر النظام الاقتصادي الإسلامي  وهي فعلا مصارف إسلامية  لكنها لم تحقق مقاصد الشريعة من تحريم الربا. (7)
كما يعرف المصرف الإسلامي  بأنه المصرف الذي يسعى للكسب الحلال واستثمار أموال مودعيه من أجل الربح ولكن بثوابت أخلاقية أي أنه لا يقوم بتمويل المشروعات التي تنتج سلعا وخدمات ضارة بالفرد أو المجتمع كمصانع الخمور أو ملاهي القمار أو أفلام الجريمة الرذيلة أو المشروعات التي تلوث البيئة والمخدرات وغيرها من المحرمات. (8)
ويشار أيضا أن للمصارف الإسلامية  أبعاد أربعة: (9)
·       البعد الاجتماعي كالزكاة والقرض الحسن والضوابط الأخلاقية في المعاملات .
·       البعد التجاري كالمرابحة والإجارة .
·       البعد الاستثماري وصناديق الاستثمار .
·       البعد التنموي كالمشاركة والمشروعات التنموية التي تستند على دراسات الجدوى .
وبناءً على ما سبق يتضح بأنه لا يوجد تعريف محدد للمصارف الإسلامية  متفق عليه لكن بشكل عام يمكن القول بأنها مؤسسات مالية ومصرفية لا تتعامل بالربا أخذا أو عطاءً وهي مؤسسات ومصارف ينص قانون إنشاؤها ونظامها الأساسي صراحة على مبادئ الشريعة الإسلامية  وغايتها تجميع الأموال وتوظيفها بما يخدم الفرد والمجتمع ويتفق مع الشريعة الإسلامية  .


ثانياُ / خصائص المصارف الإسلامية:
لقد شهدت المصارف الإسلامية  في فترة الثمانينات نمو نسبي كان في معظم الحالات أفضل من معدل نمو المصارف الأخرى , ونتج عن ذلك زيادة نصيب المصارف الإسلامية  من إجمالي الودائع , ومما يعكس نجاح العمل المصرفي الإسلامي  قيام كثير من المصارف التجارية الربوية بتزويد زبائنها بخدمات مالية إسلامية  في كثير من الدول, بل أن معظمها اعتمد على انتهاج إستراتيجية انتشار فروع متعددة للقيام بالمعاملات الإسلامية  في مناطق تجمع المدخرات .
وكما ذكرنا سابقا فأن المصارف الإسلامية  تسعى إلى التخلي عن سعر الفائدة وإتباع قواعد الشريعة الاستثمارية كأساس للتعامل بينها وبين زبائنها , لذا فأن من أهم المميزات التي تتمتع بها المصارف الإسلامية  والتي تنفرد بها عن سائر المصارف الأخرى هي أن فكرتها مستمدة من الشريعة الإسلامية  فهي تقوم على أساس نبذ التعامل بالفائدة بين المصرف وزبائنه أخذا وعطاءً , وبذلك يتم التعامل وفقا لما أنزله الله سبحانه وتعالى والسنة الشريفة .
ويمكن تلخيص الخصائص الأساسية لهذه المصارف بالآتي: (10)
1- استبعاد التعامل بالفائدة , وهي خاصية رئيسية لاعتبار المصرف إسلامياً والمبدأ الأساسي في الإسلام تحريم الربا .
2- توجيه الجهود نحو التنمية عن طريق التوجه نحو الاستثمار , فالمصرف الإسلامي  لا يقر التعامل بالفائدة , ولكن في نفس الوقت يحتاج إلى استرداد كل نفقاته وتحقيق بعض الربح لذا فقد يعمل على تحقيق ذلك عن طريق الآتي :
‌أ. الاستثمار المباشر , أي قيام المصرف الإسلامي  بتوظيف الأموال في مشروعات تجارية وزراعية وصناعية تدر عليه عائدا .
‌ب. الاستثمار بالمشاركة بمعنى مساهمة المصرف الإسلامي  في رأس المال للمشروع الاستثماري ويصبح شريكا في ملكية المشروع وفي إدارته والإشراف عليه , وبالتالي يكون شريكا بالربح والخسارة وحسب النسبة التي يتفق عليها الشركاء .
‌ج. ربط التنمية الاقتصادية بالتنمية الاجتماعية , إذ ينظر المصرف ومن المفهوم الإسلامي  إلى التنمية الاجتماعية باعتبارها أساسا لتحقيق التنمية الاقتصادية , لذا فأن المصارف الإسلامية  تعد مصارف اجتماعية في المقام الأول تسعى إلى تحقيق التكافل الاجتماعي ليس فقط من حيث قيامها بجمع الزكاة وصرفها في أماكنها الشرعية ولكن في كيفية توزيع عائد الأموال المستثمرة بعدالة بعد تغطية نفقاتها .
ومما يؤكد ما سبق فقد ورد أيضا بأن المصارف الإسلامية  تتميز بالعديد من الخصائص المهمة التي تميزها عن المصارف التقليدية متمثلة بالآتي: (11)
1- تطبيق أحكام الشريعة الإسلامية  في كافة المعاملات المصرفية والاستثمارية .
2- تطبيق أسلوب المشاركة في الربح أو الخسارة في المعاملات .
3- الالتزام بالصفات ( التنموية ، الاستثمارية ) في معاملاتها الاستثمارية والمصرفية.
4- تطبيق أسلوب الوساطة المالية القائم على المشاركة .
5- تطبيق القيم والأخلاق الإسلامية  في العمل المصرفي .
6- كما تتميز المصارف الإسلامية  بتقديم مجموعة من الأنشطة لا تقدمها المصارف التقليدية وهي :
‌أ.       نشاط القرض الحسن .
‌ب. نشاط صندوق الزكاة .
‌ج.   الأنشطة الثقافية المصرفية .
ومن جهة ثانية تتميز الخدمات المصرفية الإسلامية  ببعض المزايا والخصائص الخاصة من أبرزها: (12)
1-  الارتكاز على العقيدة : فالشريعة الإسلامية  تتيح ممارسة كافة الأنشطة الاقتصادية في إطار حماية الصالح العام .
2-  الواقعية : تتماشى الأحكام الإسلامية  مع كافة احتياجات الحياة الواقعية لذا تجد أن الشريعة لا تحرم التعاملات ما لم يكن هناك نصا معينا يحرمها وطالما أنها تحمي مصالح الناس وتلبي احتياجاتهم .
3-  الارتكاز على الخلق السليم : يستطيع الفرد أن يحقق الربح عن طريق العمل ، ولكن عندما لا يتماشى ذلك مع أخلاقيات الإسلام يصبح غير شرعي ، إضافة إلى ضرورة أن تكون عائدات الاستثمار تعكس واقع المعاملة الاستثمارية وأن تساعد المؤسسة المالية الإسلامية  على وضع توقعاتها المرتقبة من الأرباح ، ولكن يجب ألا يتم تحديد تلك الأرباح بشكل فوائد إذا قامت أية مؤسسة مالية إسلامية  بالتأكيد على تحقيق تلك الأرباح فأن الاستثمار يصبح غير شرعي ومن ثم تصبح أرباحه غير شرعية لأن ضمان أرباح الاستثمار يشكل فوائد يجعل نشاط المؤسسة المالية الإسلامية  مشابها للأنشطة التي تمارسها المصارف التقليدية القائمة على الفائدة، وهذا يعتبر غير شرعي وفق النصوص القرآنية والسنة النبوية في التعامل مع الربا.
واتساقا لما تقدم فأن المؤسسات المالية التي ينبغي التحول للعمل المصرفي الإسلامي  لابد من التزامها بأحكام الشريعة الإسلامية  في الابتعاد عن الربا ، وأن تعمل على تلبية احتياجات الزبائن ورغباتهم من المنتجات المصرفية الإسلامية  وتنويعها ، لتحقيق هدف تخفيض معدل المخاطرة وزيادة الربحية في صيغ التمويل . والمصرف الإسلامي  لا يتجنب المحرمات فقط وإنما يتجنب كذلك ما يؤدي إلى هذه المحرمات سدا للذرائع وتأكيدا على الحلال وحفاظا على نعم الله .
ثالثاً / أهداف وأهمية المصارف الإسلامية:
لقد أصبحت المصارف الإسلامية  أمرا واقعا في الحياة المصرفية والدولية بعد أن شقت طريقها في بيئات مصرفية بعيدة في أسسها وقواعدها وآليات العمل فيها عن الروح والقواعد الإسلامية  ، إذ تعتبر المصارف الإسلامية  تجربة جديدة أثبتت إلى حد كبير نجاحها في نظام رأسمالي سائد قامت فيه المصارف التقليدية على أساس واحد وهو أسعار الفائدة ، بينما اتخذت هذه المصارف الإسلام أساسا لممارسة أعمالها المصرفية ، واتخذت صيغ الاستثمار الإسلامي  دليل عمل لها ، وتقيدت بالأصول والأحكام الشرعية في مواجهة ما استجد من معاملات مصرفية .
وقد بلغ عدد المصارف الإسلامية  مع نهاية عام 2000 نحو (187) مصرفا بعد عمليات دمج جرت بين عدد منها مقارنة مع نحو (200) مصرفا عام 1998 و (25) مصرفا عام 1985 ، تدير أصولاً مالية يزيد حجمها عن (400) مليار دولار في مقابل (215) مليارا عام 1999 و (150) مليار عام 1989 فيما يتراوح حجم تعاملاتها مابين (120) إلى (170) مليارا .
وتتزايد الدعوات في الوقت الحاضر إلى أعداد الدول الإسلامية  لمواجهة القرن الحادي والعشرين وذلك بالاستفادة من مواردها المختلفة واستثمارها في ترسيخ قيمها الإنسانية عالميا ، وللمصارف الإسلامية  دور في إيصال ودعم الرسالة الإنسانية للدول الإسلامية  إلى العالم وذلك باستثمار تواجدها المالي والمصرفي في كافة أنحاء العالم يدعمها ما تمتلكه من نقاط قوة تتمثل في أنها تضم 23% من سكان العالم وتسيطر على 30% من الموارد الاقتصادية الأساسية للعالم وهو ما يؤهلها لتكون قوة فاعلة اقتصاديا. (13)
وبناءا عليه ترجع أهمية وجود المصارف الإسلامية  إلى ما يأتي :
1-       تلبية رغبة المجتمعات الإسلامية  في إيجاد قنوات للتعامل المصرفي بعيدا عن استخدام أسعار الفائدة .
2-       إيجاد مجال لتطبيق فقه المعاملات في الأنشطة المصرفية .
3-       تعد المصارف الإسلامية  التطبيق العملي لأسس الاقتصاد الإسلامي  .
ولغرض تحقيق رسالة المصرف الإسلامي  في تقديم الخدمات المصرفية والاستثمارية في ضوء الشريعة الإسلامية  لابد من الوصول إلى أهداف عديدة منها: (14)
1-  الأهداف المالية :
المصرف الإسلامي  يقوم بدور الوساطة المالية بمبدأ المشاركة ، ولغرض النجاح بهذا الدور لابد من تحقيق بعض الأهداف:
* جذب الودائع وتنميتها
جاء هذا الهدف تطبيقا للقاعدة الشرعية بعدم تعطيل الأموال واستثمارها بما يعود بالأرباح على المجتمع الإسلامي  وأفراده .
* استثمار الأموال
 حيث تعد الاستثمارات ركيزة العمل في المصارف الإسلامية  والمصدر الرئيسي لتحقيق الأرباح سواء للمودعين أو المساهمين .
* تحقيق الأرباح
وهي الأرباح المحصلة الناتجة من نشاط المصرف الإسلامي  وتعد من أهدافه الرئيسية كي يستطيع المصرف المنافسة والاستمرار في السوق المصرفي.
2-أهداف خاصة بالمتعاملين :
ينبغي على المصرف الإسلامي  الحرص على أهداف المتعاملين معه ومنها :
* تقديم الخدمات المصرفية :
عندما تكون هذه الخدمات ذات جودة عالية فهي الشهادة على نجاح المصرف الإسلامي  وهدفا رئيسيا لأدارته .
* توفير التمويل للمستثمرين
من خلال توفير الأموال للمستثمرين أو استثمار الأموال من خلال شركات تابعة متخصصة أو استثمارها مباشرة في الأسواق المحلية أو العالمية .
* توفير الأموال للمودعين
ثقة المودعين عامل مهم لنجاح المصارف الإسلامية  لذا لابد من توفير سيولة نقدية دائمة لمواجهة متطلبات الزبائن .
3-أهداف داخلية ومنها :
* تنمية الموارد البشرية :
لابد من توافر العنصر البشري القادر على استثمار الأموال وذو خبرة مصرفية ، عن طريق التدريب للوصول إلى أفضل مستوى أداء في العمل .
* تحقيق معدل نمو :
لابد للمصارف الإسلامية  أن تضع في اعتبارها تحقيق معدل نمو وذلك حتى يمكنها من الاستمرار والمنافسة في الأسواق المصرفية .
* الانتشار جغرافيا واجتماعيا :
بحيث تغطي أكبر قدر من المجتمع ، وتوفر الخدمات المصرفية لجمهور المتعاملين معها.
4-أهداف إبتكارية:
وهي تقديم العديد من التسهيلات المصرفية وتحسين مستوى أداء الخدمات المصرفية والاستثمارية في ظل المنافسة لغرض جذب أكبر عدد ممكن من الزبائن وتشمل :
* ابتكار صيغ التمويل :
على المصرف الإسلامي  إيجاد الصيغ الاستثمارية الإسلامية  التي يتمكن من خلالها من تمويل المشروعات الاستثمارية المختلفة وبما لا يتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية  .
* ابتكار وتطوير الخدمات المصرفية
من الضروري أن يبتكر المصرف الإسلامي  خدمات مصرفية لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية  ، وأن لا يقتصر نشاطه على ذلك بل عليه تطوير المنتجات المصرفية الحالية وتنويعها لتفوق ما تقدمه المصارف التقليدية .
وورد كذلك أن المصارف الإسلامية  تعمل من أجل تحقيق أهداف معينة بما لا يخالف أحكام الشريعة الإسلامية  منها. (15)
1-  توسيع نطاق التعامل مع القطاع المصرفي عن طريق تقديم الخدمات المصرفية مع الاهتمام بالخدمات الهادفة لأحياء صور التكافل الاجتماعي المنظمة على أساس المنفعة المشتركة .
2-       تطوير وسائل جذب الأموال والمدخرات واستثمارها الاستثمار الأفضل .
3-  تمويل ومزاولة أنشطة التجارة الداخلية والخارجية والمساهمة في مشروعات التنمية الزراعية والصناعية والاستخراجية والعمرانية والسياحية والإسكانية وغيرها من مشروعات التنمية الاقتصادية والاجتماعية .
4-  الاهتمام بصغار الحرفيين والمستثمرين وأصحاب الأعمال والصناعات الصغيرة ومعاونتهم في توفير التمويل اللازم لمشروعاتهم .
5-  أن يكون للمصرف الإسلامي  الحق في تأسيس المحافظ والصناديق الاستثمارية وإصدار الصكوك والقروض وفقا لأحكام الشريعة الإسلامية  .
واتساقا لما تقدم فان المصرف الإسلامي  يهدف إلى :
1- تقديم الخدمات المصرفية وممارسة أعمال التمويل والاستثمار الغير قائمة على أساس الفائدة في جميع صورها وأشكالها .
2- تطوير وسائل اجتذاب الأموال والمدخرات وتوجيهها نحو المشاركة في الاستثمار المنتج بأساليب ووسائل مصرفية لا تتعارض مع أحكام الشريعة الإسلامية  تحت أي شكل من الأشكال وعلى الأخص فائدة الديون التي تقبض أو تدفع في جميع حالات الإقراض والاقتراض والإيداع بما في ذلك أي أجر يدفعه المقترض دون أن تقابله خدمة تنطوي على مجهود ذي منفعة متعددة حسب رأي هيئة الرقابة الشرعية.
رابعاً / الملامح الأساسية لنشاط المصارف الإسلامية:
إن الذي يميز المصارف الإسلامية عن المصارف التقليدية الربوية هو استخدامها لأنشطة وأدوات ترتكز على أحكام الشريعة الإسلامية ويمكن تمثيلها بما يلي: (16)
1)   النشاطات التمويلية:
ومن أهم النشاطات الاستثمارية لدى المصارف الإسلامية هي:
‌أ.       المشاركة:
وتتم عن طريق اشتراك المصرف الإسلامي مع طرف آخر لإنشاء مشروع استثماري يشترك الطرفان في إدارته وتمويله وكذلك يتشاركان في أرباحه وخسائره بنسب متفقة مع حصة المشاركة في رأس المال.
‌ب. المضاربة:
المضاربة يمكن أن تعتبر نوع من أنواع المشاركة ولكن الاختلاف هنا هو أن أحد الطرفين يقدم المال ويكون حكمه حكم الشريك الموصي، والآخر يقوم بأداء العمل ويسمى الشريك المضارب، ويمكن تقسيم العائد من أرباح تلك المضاربة بين المضارب (الشريك بالعمل) وبين صاحب المال بنسب عادلة يتفق عليها مسبقاً بين الطرفين، وفي حالة عدم تحقيق أرباح أو تحقيق خسائر يتحمل صاحب المال الخسائر ويخسر الشريك العامل جهده فقط، ولا يمكن مطالبته بدفع خسائر ما لم تكن ناتجة عن إهمال متعمد أو سوء نية مثبت.   
‌ج.   المرابحة:
المرابحة عبارة عن عقد بين المصرف وأحد عملائه حيث يقوم بموجبه المصرف شراء سلعة معينة سواءً من الداخل أو من الخارج، ومن ثم يبيعها إلى الزبون بسعر التكلفة مضافاً إليه مبلغ معين كأرباح للمصرف.  
‌د.     التأجير التمويلي:
وهو من أحد أنواع التجارة يتم فيه اتفاق المصرف مع أحد عملائه على شراء المصرف للأصل ومن ثم تأجيره للزبون لمدة طويلة مقابل دفع الزبون لعدد من الأقساط متفق عليها، وفي نهاية المدة المتفق عليها بين المصرف وزبونه تعود ملكية الأصل إلى المصرف ومن الممكن إدراج نص في عقد الإيجار يعطي للزبون الخيار في شراء الأصل بعد انتهاء مدة الإيجار.
‌ه.      عقد السلم:
عقد السلم هو اتفاق بين طرفين على أن يقوم أحدهم بتقديم رأس المال إلى طرف آخر ليتولى القيام بالعمل مقابل صيغة يرتضيها الطرفان.
2)   قبول الودائع:
تقوم المصارف الإسلامية بقبول الودائع وفق الأسس والضوابط التي تتفق ومبادئ الشريعة الإسلامية فهي تتولى فتح حسابات الودائع التجارية لزبائنها، كما تقوم بفتح حسابات استثمارية لاستثمارها بما تجيزه الشريعة الإسلامية من معاملات، وبمعنى آخر بدون معدل فائدة محدد مسبقاً كما هو الحال في المصارف الأخرى، وإنما يتم الاستثمار على أساس حصة متفق عليها من الأرباح.
3)   الاستثمارات:
لقد برزت أخيراً الحاجة لتحويل الأموال من المدخرين المسلمين إلى المستثمرين لأنه في أغلب الأحيان لا يتمتع المدخرين بالقدرة على استغلال الفرص الاستثمارية المربحة، على شرط أن يتم استثمار تلك الأموال وفقاً لقواعد ومبادئ الشريعة الإسلامية وتجنب شبهة الربا، وتقوم المصارف الإسلامية بدور الوساطة المالية من خلال أسواق الأسهم أو من خلال القيام بدور الوساطة المالية في هذه الأسواق.
ويعتبر العلماء المسلمون أن كسب أرباح من خلال القيام بدور الوساطة يعتبر مهنة صحيحة بالرغم من تداخل مفهوم الوساطة المالية مع إنتاج وتبادل السلع الحقيقية والخدمات.   
4)   أوجه النشاط الثانوي للمصارف الإسلامية:
لا تختلف أوجه النشاط الثانوي للمصارف الإسلامية عن أوجه النشاط الثانوي للمصارف التجارية من حفظ الأمانات وشراء وبيع أوراق مالية لحساب الغير بشرط أن تكون تلك الشركات تعمل وفق أحكام الشريعة الإسلامية.
وكذلك تحصيله الأموال نيابة عن الزبائن ماعدا خصم الكمبيالات الذي لا تجيزه الشريعة الإسلامية وإدارة ممتلكات الزبائن نيابة عنهم، وكذلك النصح والإرشاد في المسائل المالية وتقديم خطابات الضمان، وفتح الاعتمادات المستندية وقبول التأمينات وإصدار الشيكات وكذلك شهادات وكشوف للزبائن والقيام بأبحاث اقتصادية ونشرها.
5)   التجارة المحلية والاستيراد والتصدير:
تقوم المصارف الإسلامية بممارسة بعض الأنشطة التجارية من خلال شراء السلع لحساب المصرف وبيعها سواء في الداخل أو في الخارج.  
خامساً / المخاطر والتحديات التي تعيق عمل المصارف الإسلامية: 
يلاحظ أن نوعية التحديات التي تواجه المصارف الإسلامية  تبدو أكثر صعوبة من التحديات والمخاطر التي تواجهها مؤسسات مصرفية أخرى نظرا لطبيعة البيئة المصرفية التي تعمل فيها ، إذ أن التحديات التي تعترض طريق المصارف الإسلامية  لا تتوقف عند إفراط هذه المصارف في استخدام صيغ استثمارية ليست هي الهم في الأدوات الاستثمارية الإسلامية  واستخدامها بصور ميسورة بل إن هذه المصارف تعاني من إشكاليات أخرى لا تقل أهمية في تحديد درجة تطور المصارف في السنوات المقبلة .
وعلى الرغم من النجاحات التي حققتها المصارف الإسلامية  خلال عمرها الزمني القصير ، وعلى رغم الاهتمام الدولي بها إلا أن هذه الصناعة تواجه عددا من التحديات والمخاطر التي أصبحت تعيها هذه المصارف جيدا وتدرك أهمية العمل على إدارتها بشكل فاعل ، وتتمثل بالآتي : (17)
1- التحديات التي تواجه المصارف الإسلامية  من النواحي التشريعية :
وذلك من حيث تناقض الفتاوى لدى هيئات الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية  مع تعددها ، ومابين الهيئات الرقابية الخارجية وبين فثاوي الحاجة المصرفية والحياة الاقتصادية ، ومابين الواقع والتمسك بالأصل الشرعي ، يلاحظ أن بعض المصارف الإسلامية  تعمل على تطويع المسائل الفقهية بما يناسب وعملها المصرفي وقد تصل أحيانا إلى التساهل والتفريط بدافع الحرص على ديمومة المصرف الإسلامي  .
2- التحديات التي تواجه المصارف الإسلامية  من النواحي القانونية :
وتأتي هذه التحديات من خلال عدم اعتراف البنوك المركزية بالمصارف الإسلامية  في أغلب الدول التي تعمل في نطاقها ، وذلك لأن معظم قوانين التجارة قد وضعت وفق النمط المصرفي التقليدي وتحتوي أحكاما لا تناسب أنشطة العمل المصرفي الإسلامي  .
3- التحديات التي تواجه المصارف الإسلامية  من النواحي الاقتصادية :
وهي منع المصارف الإسلامية  من ممارسة الأعمال التجارية وامتلاك المعدات والعقارات واستئجارها وتأجيرها مع أن تلك الأعمال هي من صميم أنشطتها ، وندرة الاستثمارات طويلة الأجل ، وصغر المصارف الإسلامية  نسبيا ، كما ان فرض الضرائب المرتفعة على أرباحها يؤثر سلبا على نشاطها في الوقت الذي تعفى فيه فوائد المصارف التقليدية .
4-   التحديات التي تواجه المصارف الإسلامية  من النواحي التشغيلية :
وهي إلزام المصارف الإسلامية  بضرورة الاحتفاظ بنسبة من ودائعها لدى البنوك المركزية التي تقوم بدورها بإقراضها بفائدة وهو مالا يتفق مع منهجها الإسلامي  ، إضافة إلى ضرورة توفير الكادر الشرعي الكفء وذا خبرة لمواكبة الزيادة والتنوع في أدوات الاستثمار وتوسع آفاق المصارف الإسلامية  .
5- التحديات التي تواجه المصارف الإسلامية  من النواحي الإدارية :
افتقارها إلى التنظيمات الخاصة التي تحدد إجراءات التأسيس وقواعد المراقبة والتفتيش وسقوف الائتمان ، ومشاكل بسبب الاحتياطيات والسيولة ، والتنسيق فيما بين الإدارات وفيما بين المصارف الإسلامية  الأخرى.
6- الخدمات الخارجية:
وهي اتساع نشاط القطاع العالمي الغربي عموماً والأوربي بوجه خاص أو اتجاه المؤسسات المالية العالمية نحو الاندماج.
إضافة إلى ما سبق فقد ورد بأن هناك تحديات ومخاطر أخرى تواجه المصارف الإسلامية  في عملها.(18)
1. وتتمثل أهم هذه التحديات في انعكاسات اتفاق تحديد الخدمات المالية في إطار منظمة التجارة العالمية، وما سينجم عنها من تغيرات في القطاع المصرفي عموماً على مستوى العالم ومن ثم على قطاع المصارف الإسلامية  باعتباره جزءاً من هذا القطاع ما زال حديثاً على الساحة المصرفية.
2. كذلك في غياب المعيارية وعدم وجود أسس عمل مصرفية موحدة لجميع المصارف الإسلامية ، حيث مازالت هناك مفاهيم غامضة حول بعض المعاملات المالية الإسلامية  من حيث كونها حلالاً أم حراماً، نظراً لعدم وجود رأي شرعي موحد بشأنها من قبل علماء الدين الشرعيين.
3. وعلى الرغم من محاولة صناعة الصيرفة الإسلامية  تطوير أدواتها وخدماتها بالأساليب التقنية الحديثة إلاّ أنها لم ترق بعد للمستوى التقني الذي تستخدمه المصارف التقليدية.
4. وعلى الرغم من اختلاف توجيهات المصارف الإسلامية  وعقود تأسيسها ونظمها الأساسية واختلاف طبيعة عملها وخدماتها وأدواتها عن المصارف التقليدية إلاَ أنه مازالت تطبق عليها المعايير والضوابط المالية نفسها الملزمة لعمل المصارف التقليدية من قبل السلطات الرقابية والتنفيذية في معظم الدول التي يوجد فيها مصارف إسلامية .   
5. فقدان الثقة بشرعية المعاملات المصرفية الإسلامية  التي تقوم بها بعض المصارف، وعدم وجود رقابة شرعية داخلية قوية أو عدم التزام بعض هذه المصارف بالإجراءات والخطوات الشرعية عند تقديم الخدمات.  
6. وعلى الرغم من قدرة المصارف الإسلامية  على تنويع منتجاتها في إطار الشريعة الإسلامية ، إلاً أنها مازالت لا تعطي أهمية كبيرة لبحوث تطوير هذه المنتجات، وقد تعتمد في بعض الأحيان محاكاة المصارف التقليدية، فمخصصات البحث والتطوير لدى معظم هذه المصارف قد تكون معدومة مقارنة بأرباحها وأداءها المالي، مقارنة المخصصات لدى المصارف التقليدية.
7. عدم استطاعة المصارف الإسلامية  الاقتراض من البنوك المركزية في الدول التي تعمل فيها على رغم حاجتها إلى هذا الدعم الذي يتوافر لغيرها من المصارف التقليدية المنافسة لها.
8. كذلك أن المودعين في المصارف الإسلامية  يتعرضون للمخاطرة حالهم حال المساهمين وبالتالي لابد أن يكون لهم صوت في الجمعيات العمومية لهذه المصارف رغم أن الواقع هو غير ذلك إذ يعاملون معاملة المودعين في المصارف التقليدية الربوية الذي لا تتعرض أموالهم لأي مخاطرة ومن ثم فهم ليس لديهم صوت في إدارة المصرف.
9. تباطؤ في حركة الاجتهاد من فبل المجاميع الفقهية إما لاعتبارات سياسية أو لعمق الفجوة بين ما هو متمكن في العلوم المعاصرة ولكنه يفتقر الثقافة الشرعية وهي علماء الشرع الذين ابتعدوا عن الحياة المعاصرة وأنهم غير ملمين إلماماً تفصيلياً بالمستجدات في الاقتصاد والمال.


  
المحور الثالث:
أولاً / مفهوم الرقابة الشرعية ودورها في المصارف الإسلامية :
من الطبيعي أن هوية المصرف الإسلامي  وشخصيته لا تتم إلا بتميزه عن المصارف الربوية التقليدية، ولتحقيق هذا التميز من الضروري أن تتقيد بما يحل وبما يحرم في المعاملات لكي يتطابق الاسم مع الفعل، ولهيئة الرقابة الشرعية في المصارف الدور الكبير في ضمان هذا الأمر، لذا تعرف هيئة الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية  بأنها هيئة مستقلة ودائمة تتولى فحص وتحليل مختلف الأعمال والأنشطة التي تمارسها المصارف الإسلامية  التي بدأت تنتشر في الساحة المصرفية الدولية في جميع مراحلها  والفتاوى الصادرة في هذا الشأن وإيجاد البدائل والصيغ المشروعة المناسبة لما هو غير مشروع منها، وتكييفها بعيداً عن شبهة الربا المحرم شرعياً. (19)
وفي مفهوم مختصر تعرف الرقابة الشرعية بأنها التأكد من مدى مطابقة أعمال المصارف الإسلامية  لأحكام الشريعة الإسلامية  حسب الفتاوى الصادرة والقرارات المعتمدة من جهة الفتوى، أي أن الأساس الذي قامت عليه هذه المصارف هو تقديم البديل الشرعي للمصارف الربوية. (20)
وقد تنوعت صور الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية  وتباينت فيما بينها واختلفت هياكلها ومسمياتها، فبعض المصارف اكتفت بمستشار شرعي واحد، وأخرى اعتمدت على عدد من الفقهاء دون أن تتقيد برأي واحد منهم، في حين فضل البعض إنشاء هيئة استشارية تفتي بما يعرض عليها فقط من موضوعات ولا دخل لها بمراجعة الأعمال المنفذة.
وقد نصت هيئة معايير المحاسبة والمراجعة والضوابط للمصارف الإسلامية  على ما يلي. (21) :
· هيئة الرقابة الشرعية جهاز مستقل من الفقهاء المتخصصين في فقه المعاملات ويجوز أن يكون أحد الأعضاء من غير الفقهاء على أن يكون من المتخصصين في مجال المصارف الإسلامية  وله إلمام بطبيعة المعاملات.
· ويجب أن تكون هيئة الرقابة الشرعية من أعضاء لا يقل عددهم عن ثلاثة، ولهيئة الرقابة الشرعية الاستعانة بمختص في إدارة الأعمال أو الاقتصاد أو القانون أو المحاسبة وغيرهم. وتحكم عملهم لائحة تنظم اختصاصات الهيئة، وتصف عملها وتحدد لها مسؤولياتها وتمنحها الصلاحيات والسلطات المطلوبة لأداء مهمتها في التدقيق.    
ونظراً لكون أعضاء هذه الهيئات غير متفرغين بالكامل للعمل في المصرف الإسلامي  أصبح لا غنى عن وجود ممثل أو ممثلين عن الهيئة لرقابة الأعمال اليومية وتلقي الاستفسارات والتحقق من الالتزام بفتاوى وقرارات الهيئة، لذلك برزت أهمية وظيفة المراقب الشرعي الذي يقوم بهذا الجهد ليكون حلقة الوصل بين الإدارة التنفيذية وهيئة الرقابة الشرعية.
واتساقاً لما تقدم فإن هيئة الرقابة الشرعية هي هيئة مكونة من عدد محدود من علماء الفقه في الشريعة الإسلامية  والقانون يعينها الجمعية العمومية لمساهمي المصرف الإسلامي  مهمتها إجراء الرقابة الشرعية على أعمال المصرف وعقوده لضمان توافقها مع أحكام الشريعة الإسلامية ، أي تعتبر شريان حياتها وصمام أمانها الذي يحفظها من الانحراف عن منهجها الذي قامت عليه ومصدر الطاقة الذي يولد لها القوة فهي الهوية التي بها تعرف.
ثانياً / أهمية وجود الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية :
إن المصارف الإسلامية  في هذا العصر لازالت حسب رأي العديد من الباحثين الاقتصاديين تمر بمرحلة التجربة، إذ أن عمرها لا يتجاوز ثلاثة عقود من الزمن، وهذه فترة قصيرة إذا ما قورنت بعمر المصارف التقليدية التي قارب عمرها ثلاثة قرون من الزمان، وبالرغم من ذلك فإن للرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية  أهمية بالغة لعدة أسباب أهمها: (22)
1. أنها الجهة التي ترصد وتراقب سير أعمال المصارف الإسلامية  والتزامها بالأحكام الشرعية في تنفيذ معاملاتها.
2. افتقار معظم العاملين في المصارف الإسلامية  إلى الإحاطة بقواعد المعاملات الإسلامية  مما يضفي أهمية على وجود مثل هذه الهيئة.
3. إن وجود هيئة الرقابة الشرعية يعطي المصرف الإسلامي  الصبغة الشرعية بنظر زبائنه وجمهور المواطنين الذين لا يتعاملون مع المصارف الربوية.
4. في الوقت الذي تعقدت فيه الصور التجارية وانتشرت أنواع جديدة من المعاملات التجارية كبطاقات الائتمان والتجارة الإلكترونية التي لا توجد لها أحكام قي المصادر الفقهية القديمة، وإن وجدت الأحكام فإن المصرفيين القائمين على النشاط المصرفي غير مؤهلين للكشف عنها بأنفسهم.  
إضافة إلى ذلك يضيف القرضاوي إلى أن العمليات المصرفية في الاستثمار والتمويل بالذات تحتاج إلى رأي من هيئة الفتوى نظراً لتمييز هذه العمليات بالتغيير وعدم التكرار مع كل حالة أو عملية أو مشروع بموله المصرف، ومن ثم فالعاملون في النشاط الاستثماري يجب أن يكونوا على اتصال مستمر مع الرقابة الشرعية لأنهم دائماً بحاجة إلى الفتوى أثناء عملهم. (23)
ثالثاً / مهام هيئة الرقابة الشرعية
يمكن تحديد أهم مهام الرقابة الشرعية فيما يلي: (24)
1. المشاركة في وضع التعليمات واللوائح ونماذج العقود الشرعية للمعاملات ومراجعتها وتصحيحها وإقرارها وتطويرها.
2.   الرقابة على أعمال المصرف الإسلامي  للتأكد من مطابقة أعماله لأحكام الشريعة الإسلامية .
3. تأمين الفقه الإسلامي  في ميدان المعاملات المالية المصرفية، وإبداء الرأي الشرعي في الأنشطة الاستثمارية وتطبيق القواعد الشرعية على هذه الأنشطة.
4. التوعية والتثقيف للعاملين في قطاع العمل المصرفي الإسلامي، إذ أن المصرف الإسلامي يحتاج إلى العاملين الذين يفقهون الأحكام الشرعية ويكونون على قدر معقول من الفقه في الدين وخصوصاً في ميدان المعاملات المصرفية الإسلامية.
5. الفتوى من خلال الرد على الأسئلة و الاستفسارات المقدمة لها سواء أكانت تلك الاستفسارات من العاملين بالمصرف أم المتعاملين معه أم المساهمين أنفسهم عند مناقشة الميزانية أو في الأوقات الأخرى.
6. هناك تحديات كبيرة تواجه العمل المصرفي الإسلامي، وهناك مستجدات وهناك حاجة ملحة إلى التطوير والإبداع وتقديم الحلول والبدائل، لذا فمن مهام هيئة الرقابة الشرعية إقامة الندوات والمؤتمرات وحلقات البحث العلمي لمواجهة هذه التحديات والأخطار.    
7. المساهمة في حل بعض الأزمات بين المصرف الإسلامي  والآخرين سواء كان هذا النزاع بين المصرف والمستثمرين أو المساهمين أو بين المصرف والحكومة أو إحدى شركات القطاع العام أو الخاص أو الأفراد وغير ذلك من خلال هيئة تحكمه.
8. الحاجة الماسة إلى تنوير الرأي العام المسلم بالمشاكل المصرفية والاقتصادية في وجهة النظر الشرعية من أجل إغلاق الباب أمام الشائعات حول شرعية الأعمال المصرفية، عن طريق نشر وإصدار الكتب والنشرات والاستفادة من صفحات الإنترنت في بيان فتاوى وقرارات هيئة الرقابة الشرعية حول الأعمال المصرفية.
9. الشهادة أمام الجمعية العمومية من خلال تقديم تقرير سنوي لها يعكس مدى مشروعية أعمال المصرف، وما قامت به هيئة الرقابة الشرعية وأساليب متابعتها ورقابتها للنواحي الشرعية، ومدى تجاوب الإدارة والعاملين لتوجيهاتها وقراراتها.     
رابعاً / تحديات ومخاطر تواجهها هيئة الرقابة الشرعية:
إن عدم تبلور مفهوم الرقابة الشرعية في أذهان إدارة المصرف سيؤدي إلى خلق تحديات ومخاطر عديدة لهذه الهيئة، خاصة عند عدم وجود منهج واضح معتمد من إدارة المصرف لأعمال الهيئة، ومن الخدمات والمعوقات التي تواجه هيئة الفتوى في المصارف الإسلامية. (25)
1. من الخطأ والخطر تسليم المصارف الإسلامية للبنوك المركزية التي تعمل ضمن قوانين التسليف والنقد الربوي ولا تسمح بالاستثمارات.
2. قلة عدد الفقهاء المتخصصين في مجال المعاملات المصرفية والمسائل الاقتصادية الحديثة، مما يؤدي إلى عدم وجود تصور واضح لهذه المسائل ومن ثم صعوبة الوصول للحكم الشرعي الصحيح فيها.
3. اعتادت الكثير من الدول عند تأسيس المصارف الإسلامية فيها أن تضمن تشريعاتها ما يحقق تقيدها بأحكام الشريعة الإسلامية، ووجود رقابة شرعية ممثلة في رقيب أو مستشار شرعي أو هيئة للرقابة الشرعية لكل مصرف، في الوقت الذي اكتشفت فيه بعض المصارف الإسلامية بالنقص في أنظمتها الأساسية أو قوانين تأسيسها على الالتزام بأحكام الشريعة الإسلامية دون ذكر الأسلوب الذي يحقق ذلك.
4. عدم الاستجابة السريعة لقرارات الهيئة الشرعية في بعض المصارف، إضافة إلى محدودية اختصاصاتها وصلاحياتها، تمنع الهيئة بعض المصارف من الإدلاء بأية معلومات أو تصريحات تتعلق بأعمال المصرف.
5. صحيح أن فقه المعاملات الإسلامية أصيل وقديم قدم الإسلام، وأن كنوزه تفوق التصور إلا أن إقصاء الشريعة الإسلامية عن التطبيق، وتفشي مبدأ العلمانية والداعين لها وانبهار المسلمين بالغرب وحضارته التي أعشت عيون الناس قد أبقى على هذا الإرث الهائل الضخم الذي يمتلكه المسلمون حبيس الكتب والمصنفات بعيداً عن واقع الناس وحياتهم العملية.
6. الضغوط التي تتعرض لها الهيئة من قبل مجلس إدارة المصرف الذي يحاول التأثير عليها فضلاً عن عدم الاستجابة السريعة لقراراتها من قبل إدارة المصرف.
7. تعدد الهيئات الشرعية للمصارف الإسلامية في البلد الواحد مما يؤدي عم التنسيق أو التطابق في إصدار الفتاوى المتعلقة بالعمل المصرفي.
8.   التطور السريع والكبير في المعاملات الاقتصادية وصعوبة متابعتها بالفتوى وبيان الحكم الشرعي.
9. لقد أهمل دور هيئة الرقابة الشرعية التثقيفي للعاملين في المصارف الإسلامية وبخاصة في السنوات القليلة الماضية، وهو ما ساهم في خلق جيل من العاملين في المصارف الإسلامية لا يفرق بين الحلال والحرام، بين الدائن والقرض بفائدة وبين المشاركة والحساب الجاري المدين، وعلى سبيل المثال قام أحد المصارف الإسلامية بعمل دورات تدريبية لتأهيل وإيجاد جيل من المديرين الشبان، وتم تدريبهم لمدة جاوزت نصف عام دون أن يتلقى الدارس في هذه الدورات ولو ساعة واحدة برنامجاً تدريبياً عن الجوانب الشرعية للعمليات المصرفية.
10.  اقتصر دور هيئة الرقابة الشرعية على تقديم تقرير للجمعية العامة للبنك المركزي بسلامة وصحة جميع معاملاته الشرعية بناءً على اطلاعهم على بيانات مكتبية، دون التأكد من الناحية العملية من مطابقة عمليات تلك المصارف للشريعة الإسلامية.  
ولاشك أن مثل هذه التحديات والمخاطر قد أضفت الكثير من المآخذ على الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية مثل عدم مشاركتها في وضع نظام اختيار العاملين أو الرقابة على ما يتعلق بالزكاة والقروض الحسنة وعدم مشاركتها في وضع التعليمات التقليدية الخاصة بالتشغيل داخل المصرف أو إبداء الرأي في الديون المتأخرة وتحديد ما إذا كان التعامل مع المصرف الإسلامي معسراً أو مماطلاً أو قادراً على الدفع، فضلاً عن عدم وجود نص قانوني يوضح الآثار القانونية لتقصير المراقب الشرعي أو خطته في أداء مهامه في المصرف وبالتالي تحديد مسؤوليته قي هذا المجال.
وأخيراً التحدي الأخطر الذي تواجهه الأمة الإسلامية عموماً والمصارف الإسلامية بشكل خاص هو أن الدول الكبرى تحاول جاهدة للنيل من الإسلام وأهله ونظمه الفكرية والاقتصادية والاجتماعية، والسعي إلى تهميش دور الاقتصاديات العربية والإسلامية لتكون اقتصاديات تابعة خادمة لا تتمتع باستقلالية، وتتخذ تلك الدول القطاع المصرفي والمالي أداة للتشويش والتهميش كون هذا القطاع الحيوي هو عصب هذه الاقتصاديات، كما أضحت المصارف الإسلامية مستهدفة بل ومتهمة أيضاً في تعاملاتها ووصل الأمر إلى اتهامها بتمويل الإرهاب والأنشطة المعادية حتى للدول الإسلامية. وقد استخدمت الدول الرأسمالية وستستخدم الأساليب المشروعة وغير المشروعة سواء بالترغيب أو الترهيب بهدف إعاقة كل برامج التنمية في الدول العربية والإسلامية وكذلك السيطرة على أسواق الاستثمار التي تمتلكها المصارف التقليدية عموماً والمصارف الإسلامية بوجه خاص.
خامساً / مراحل الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية:  
إن عمل هيئة الرقابة الشرعية في معظم المصارف الإسلامية لا يتجاوز الإفتاء النظري، وقليل من المصارف تتيح للهيئة مراجعة عملياتها الاستثمارية بالتفصيل من واقع بياناتها المالية الخاصة بالاستثمارات وبالدخل، بحيث تمكن الهيئة من الحكم على هذه العمليات هل تمت بصورة شرعية أم لا؟ مع إعطاء التوجيهات لتصحيح المخالفات إن وقعت.
لذا لابد للمصارف الإسلامية أن تمر بمراحل ثلاثة لغرض تحقيق الهدف الأساسي من الرقابة الشرعية وهي (26)
1) الرقابة الشرعية السابقة للتنفيذ أو تسمى بالرقابة الوقائية للعمليات والمشاريع التي تنوي إدارة المصرف تنفيذها، فتقوم الرقابة الشرعية بجمع كل البيانات والمعلومات لتعرضها فيما بعد على هيئة الفتوى لتدلي برأيها قبل إقدام المصرف على تنفيذها فإذا تبين أنها مخالفة لأحكام الشريعة استبعدتها أو قامت بتعديلها بما يتوافق مع الأحكام الشرعية، لذا فعلى الرقابة الشرعية في هذه المرحلة الاهتمام بما يلي:
·   مراعاة الجوانب الشرعية في عقد التأسيس والنظام الأساسي.
·   إشرافها على إعداد وصياغة نماذج العقود.
· إيجاد المزيد من الصيغ الشرعية المناسبة للمصرف الإسلامي لمواكبة التطور في الأساليب والخدمات المصرفية.
·   المراجعة الشرعية لكل ما يقترح من أساليب استثمار جديدة.
·   وضع القواعد اللازمة لضبط التعامل مع المصارف غير الإسلامية.
·   إعداد دليل عملي شرعي.   
2) الرقابة أثناء التنفيذ أو تسمى بالرقابة العلاجية: وهي مراجعة وتدقيق العمليات المصرفية والاستثمارية التي تحتاج إلى رأي شرعي وتتمثل في المتابعة الشرعية لأعمال المصرف وذلك خلال مراحل التنفيذ المختلفة بهدف التأكيد من التزام المصرف بالتطبيق الكامل للفتاوى الصادرة ومتابعة تصحيحها أولاً بأول.
إضافة لذلك يمكن إبراز دور الهيئة في هذه المرحلة بالنقاط الآتية:
·   إبداء الرأي الشرعي فيما يحال إليها من معاملات المصرف.
·   اشتراط موافقة الهيئة على إتمام المشروعات الاستثمارية قبل اتخاذ الخطوة النهائية في التنفيذ.
·   سرعة التحقيق في الشكاوي من الناحية الشرعية أثناء التنفيذ وعمل اللازم تجاهها.
· الإطلاع على تقارير هيئة التدقيق الشرعي بشأن المراجعة الشرعية لعمليات المصرف وإبداء الرأي بشأنها.  
3) الرقابة اللاحقة للتنفيذ أي الرقابة التكميلية أو رقابة المتابعة فتمثل أغلب أعمال الرقابة الشرعية لأنها تتناول الأعمال العادية والمتكررة والتوجيهات الصادرة عن جهة الاختصاص، كمراجعة ملفات العمليات الاستثمارية بعد التنفيذ ومراجعة البيانات الدورية المرسلة من المصرف للجهات الرسمية ومراجعة تقارير الجهات الرقابية الخارجية كالبنك المركزي.
وبمعنى آخر تقوم هيئة الرقابة الشرعية في نهاية كل عام تقييم عمل المصرف من الناحية الشرعية، لأن أساس قيام المصرف هو تطبيق قواعد العمل المصرفي الإسلامي وهذا الأمر يتطلب من الهيئة المراجعة المستمرة لأعمال المصرف، وتتم هذه المراجعة من خلال وسائل عديدة منها
·   مراجعة ملفات العمليات الاستثمارية بعد التنفيذ.
·   الإطلاع على الميزانية العامة وتقرير مراجعة الحسابات.
·   مراجعة تقارير الجهات الرقابية الخارجية كالبنك المركزي.
·   وضع نماذج تجميع البيانات والمعلومات لتسهيل عمليات الرقابة.
·   وضع نماذج تقارير الرقابة الشرعية.
· تخطيط هيكلية عمل هيئة التدقيق الشرعي وعقد الاجتماعات الدورية لمتابعة سير العمل وتطويره إلى الأحسن.
واتساقاً لما تقدم فمن الضروري استقلالية هيئة الرقابة الشرعية وعدم عزل أي من أعضائها إلاّ بقرار من الجمعية العمومية، حتى لا تخضع في تشكيلاتها لأهواء مجلس الإدارة، كما ينبغي تفعيل وجود هيئة عليا للرقابة الشرعية ممثلة من جميع المصارف الإسلامية للتنسيق بين الفتاوى ونظم العمل الصادرة من الهيئات الخاصة بتلك المصارف، ويبقى بعد ذلك أهمية اهتمام البنوك المركزية بالرقابة الشرعية على أعمال المصارف الإسلامية بقدر اهتمامها بالرقابة المصرفية، من خلال إنشاء إدارة للتفتيش الشرعي بالبنك المركزي من أهل الخبرة الشرعية والمصرفية للتأكد من سلامة النواحي الشرعية في أعمال المصارف الإسلامية.
سادساً / مسقبل المصارف الإسلامية:
على الرغم من التحديات التي تواجه المصارف الإسلامية إلا أن هناك توقعات كثيرة باستمرار هذا التوجه وتزايد عمليات التحول نحو الصيرفة الإسلامية حتى في البلدان الغربية خلال السنوات المقبلة، فقد توقعت دراسة أعدها المصرف الإسلامي للتنمية بالتعاون مع مجلس الخدمات المالية الإسلامية في ماليزيا أن يستمر النمو في جميع مؤشرات المصارف الإسلامية ومن سيناريوهات عدة، وخصوصاً معدل النمو في حجم الأصول للمصارف الإسلامية عالمياً حيث يتراوح هذا المعدل بين 10 و 15% خلال الفترة من العام 2005 إلى العام2015.
كما توقعت الدراسة استمرار التحول إلى الخدمات المالية التقليدية لتتوافق مع الشريعة الإسلامية بمعدلات متفاوتة في الدول المختلفة بما في ذلك الدول الأعضاء في المصرف الإسلامي للتنمية، فبحلول عام 2015 من المتوقع تحول نسبة غير قليلة من الخدمات المالية التقليدية في دول مجلس التعاون الخليجي إلى المعاملات الإسلامية، أما دول جنوب آسيا الأعضاء في المصرف الإسلامي للتنمية فمن المتوقع أن تصل نسبة الخدمات المتحولة من 15 إلى 25% أما الدول الأخرى فيتوقع أن تصل نسبة الخدمات المتحولة من 1 إلى 2%. (27)  
المحور الرابع:الاستنتاجات والتوصيات
أولاً / الاستنتاجات
1.   لا يخلو العمل المصرفي بجميع أشكاله وصيغه من المخاطر التي تطرح تحدياً للمصارف والسلطات الرقابية وفي هذا السياق كانت المصارف الإسلامية  على غرار نظيراتها التقليدية هي مؤسسات مالية تقدم خدمات للمودعين والمستثمرين من جهة وتمنح التمويل للشركات والقطاع العام والأفراد من جهة أخرى، ولذلك فهي عرضة لكثير من المخاطر المماثلة التي تواجهها المصارف التقليدية
2.   ينطوي العمل المصرفي المتوافق مع الشريعة على مخاطر خاصة به،فمن حيث المبدأ هناك مجموعة متنوعة من الأنشطة يمكن أن تعمل من خلالها المصارف الإسلامية  وبطرق مختلفة تمكنها من تقديم الأموال ويتم تكييفها لتلائم المبادئ التي تنظم العمل المصرفي الإسلامي  ومن أهمها مبدأ المشاركة في المخاطر0
3.   هناك صعوبة وتعقيد عند المقارنة بين المصارف الإسلامية  والمصارف التقليدية من حيث درجة المخاطر والتعرض للإعسار وما ينشأ عن ذلك جدل بخصوص كفاية رأس المال0
4.   أن المصارف الإسلامية  لم تحقق ما بشرت به ، فتمادت في تقليد المصارف الربوية، وأنها لم تتقدم في أبراز الخصائص الأساسية للعمل المصرفي الإسلامي  والمعالم المميزة له ولم تتجاوز واقع ونتائج النظام المصرفي الربوي0
5.    أتضح من خلال الدراسة النظرية بأن كفاءة الأدوات التي تستخدمها المصارف الإسلامية  التي تتصف بالقيود والتكلفات، أضعف من التي تستخدمها المصارف الربوية التي تتضمن بالبساطة والمرونة، ومع ذلك فأن المصارف الإسلامية  (المقيدة) لازالت واقفة على أقدامها بجانب المصارف الربوية(المطلقة) في ظل المنافسة الحادة، والسر في ذلك هو أن المصارف الإسلامية  لا تعتمد على مقدرتها الذاتية وإنما على قوة خارجية وهي العاطفة الدينية لزبائنها المبنية على ثقتهم المطلقة بأن المصارف الإسلامية  إنما تتحرك وفق توجيهات ورقابة العلماء وأعضاء الرقابة الشرعية0
6.   من خلال التطرق إلى نشأة المصارف الإسلامية  تاريخيا" أتضح أن الذين وضعوا أسس هذه المصارف هم غير الذين امتلكوها لاحقا، فالمؤسسون لمس منهم البعض نية جدية وكانت نظرتهم إلى عمل المصارف الإسلامية  باعتباره رسالة مرتبطة بالدين وبكونه تطبيق جزئية من جزئيات الاقتصاد الإسلامي ، وأن هدفهم هو إزالة الربا من المجتمع، ولإثبات صلاحية الإسلام للتطبيق في كل زمان ومكان، خاصة ما يتعلق منه بالشق المالي المصرفي إلا أن بعض رجال الأعمال استغلوا نظريات المؤسسين لمصالح خاصة بعيدة عن الهدف الذي أنطلق منه المؤسسون لذا بات ضروريا" التفريق بين العمل الرسالي والعمل التجاري وأن لا يخلطوا بين العاطفة والفكر السليم أو بين العاطفة والعلم0
7.   إذا كان المصرف الإسلامي يقدم قروضه على أساس المشاركة في الربح والخسارة فإن ذلك يتطلب توفر حد أدنى من الثقة في أن مقترض الأموال سيكون صادقاً وشفافاً في سجلاته المتعلقة بأداء مشروعه الاستثماري ولن يتحايل ويظهر للمصرف حسابات مزورة تشير إلى خسارته بينما هو يحقق أرباحاً بهدف تجنب إعطاء المصرف نصيبه من الأرباح، غير أن هذا المستوى من الأمانة نادراً في هذا الزمن مما يفسر عدم اعتماد المصارف الإسلامية في الوقت الحاضر على مشروعات استثمارية مرتكزة على المشاركة في الربح والخسارة واستبدالها بمشروعات أغلبها مرابحات وإجارة مما يجعل دورها التنموي دون إمكانياتها.
8.   من خلال الإطلاع على تقرير (مؤسسة ماكينزي كوارترلي) وتقرير (مجلس الغرف السعودي) اتضح بأن المصارف التقليدية تفقد نحو 30% من حصتها السوقية سنوياً لصالح مثيلاتها الإسلامية كما أنه في الأعوام الثلاثة المقيلة ستتحول نحو 50% من حصة المصارف التقليدية لتكون من نصيب المصارف الإسلامية، وترى بعض الآراء أن دوافع هذا التحول من المصارف التقليدية إلى الإسلامية قد يرجع إلى أهداف ربحية وتجارية بحتة نتيجة الحاجات الملحوظة للمصارف الإسلامية وارتفاع معدلات الربحية وعوائد عمليات التحويل الإسلامي مقارنة بالتحويل التقليدي، بالإضافة إلى أسباب فنية منها ربحية هذه المصارف (التقليدية) في القيام بعمليات الاستثمار بدلاً من العمل في مجال الوساطة المالية (الإقراض والاقتراض) والحصول على فوائد محدودة في الوقت الذي تستطيع المصارف الإسلامية الاستثمار المباشر لنفسها أو لحساب الغير بجانب الوساطة المالية، وقي المقابل ترجح بعض الآراء سبب هذا التحول من المصارف التقليدية إلى ضعفها في السوق المصرفية وعجزها عن المنافسة وتحول الكثير من الزبائن عنها نحو المصارف التقليدية الأخرى أو نحو المصارف الإسلامية.
9.   إن الواقع يكشف أن الرقابة الشرعية في غالب المصارف الإسلامية تحولت إلى واجهة فقط، حيث اقتصرت مهامها على ما يعرض عليها من فتاوى، وقليل من المصارف تتيح للهيئة مراجعة عملياتها الاستثمارية من واقع بياناتها المالية الخاصة بالاستثمارات، وعدد محدود منها يعتمد على وجود مدقق شرعي يتابع تنفيذ العمليات المصرفية والائتمانية.
ثانياً / التوصيات:
1)   من الأهمية بمكان التنويه إلى أن صناعة الخدمات المالية الإسلامية يجب أن تكون مندمجة بشكل كامل في الأسواق المالية العالمية مع الاحتفاظ في ذات الوقت لطبيعتها المتميزة وخدماتها الفريدة.
2)   ينبغي أن تخضع المصارف الإسلامية لنفس المستوى الذي يتم به الإشراف والرقابة على المؤسسات المالية الأخرى، إذ أن أي إخلال بالمعايير أو الممارسات أو التقيد من جانب تلك المصارف، لن يشكل عقبة لخدماتها ومنتجاتها فحسب، بل سيكون بمثابة عائق في طريق قبول الأسواق المالية الدولية لتلك الخدمات والمنتجات.
3)   لابد من توحيد البيانات المالية للمصرف مع كافة فروعه، باعتباره مبدأ آخر يجب أن يسري على جميع المصارف وهو ضروري لتوفير رقابة موحدة وشاملة من قبل السلطات الرقابية في بلد الموطن.
4)   إن تشجيع المؤسسات المصرفية الإسلامية على الاندماج في الأسواق العالمية سيدفعها للمنافسة مع كافة المؤسسات المالية الأخرى مما يحفزها نحو الابتكار لمقابلة متطلبات الزبائن من شركات وأفراد ويوسع نطاق وقاعدة عملها ولا يربطها بشريحة محددة من الزبائن أو أسواق معينة، وهذا سيساعدها على التكيف مع متطلبات النظام المالي العالمي ويوفر لها الأدوات اللازمة التي تساعدها على النمو وتقوية هياكلها ويسهل انتشارها.
5)   وجوب إخضاع المصارف الإسلامية لنفس القواعد والمتطلبات الإشرافية التي تخضع لها المصارف التقليدية مع المرونة اللازمة لمراعاة ما تحتاجه أساليب عملها ومنتجاتها المتخصصة كيلا تنعزل تلك المصارف عن الأسواق المالية العالمية.
6)   هناك حاجة ملحة لتحديد وقياس ولإدارة ومراقبة المخاطر الخاصة التي تلازم العمل المصرفي الإسلامي والحد منها في حدود طاقة وكفاية رأس المال للمصرف المعني.
7)   إن إدارة المخاطر والشفافية والإفصاح ومتطلبات الضوابط الداخلية في صناعة الخدمات المالية الإسلامية يجب أن تكون دائماً في حالة تطور وأن يتم تطويعها لتلبي الحاجات المحددة للمصارف الإسلامية، خاصة وأن جانباً مهماً من العمل مع هذه المصارف مبني على الانطباع والسمعة نحو طبيعة عملها، لذا فإن هذه المصارف يجب أن تعي أهمية الدور المناط بها، وبشكل خاص الدور الأخلاقي الإسلامي.
8)   لابد من التأكيد على أهمية استمرار تطوير آليات لتغطية تلك المخاطر، وهذا يوجب أهمية الاندماج في الأسواق المالية العالمية وتشجيع المنافسة، وتوفير المناخ الملائم لاستمرار الابتكار حتى تستطيع المصارف الإسلامية توطيد كياناتها في كافة الأسواق وزيادة في قدرتها على توفير منتجات لكافة شرائح الزبائن.
9)   تنمية الوعي والإدراك لطبيعة المخاطر وتطوير آليات تغطيتها والقدرة على المنافسة في الأسواق وتلبية احتياجات الزبائن، ولعل من المهم هنا التأكيد على أهمية قيام المصارف الإسلامية بتوفير كافة المعلومات عن أوجه نشاطها وبياناتها المالية بشفافية تامة خاصة وأن أمامها مسؤولية أخلاقية مما يعزز مصداقيتها ويساهم قي قبولها على نطاق أوسع ويزيل أي اعتقادات خاطئة تخص أنشطتها.
10)    إدراك الحاجة للتعاون الدولي لتطوير معايير على أن تشكل أساساً لبنية قوية تقوم عليها الأعمال المصرفية الإسلامية.
11)    من الضروري أن لا تكون هيئة الرقابة الشرعية من فرد واحد فقط كي تضمن القرار الأصوب، إذ لابد أن تتميز هذه الهيئة بالتعدد، لأن الفرد مهما بلغت سعة علمه لا يمكنه أداء المهمة وذلك للتعقيد والتشابك الذي تتميز به المعاملات المادية المصرفية.
12)    الفصل بين العمل المصرفي والعمل التجاري وذلك لكون العمل التجاري لا تحفه الشبهات والمخالفات الشرعية، بينما يطاول العمل المصرفي العديد من المخالفات والتي تكمن في تطويع الدين لخدمة المعاملات المصرفية وليست تطويع المصارف لخدمة الدين.
13)    يمكن للمصارف الإسلامية أن تتوسع وتتعمق كلما كانت البيئة المؤسسية الأخرى كالأسرة والإعلام والتربية والقوانين المصرفية ووعي العاملين في المصارف والمتعاملين معها مدعماً للمنظومة القيمية الإسلامية التي تجعل الفرد والمؤسسة يعملان على أساس الثقة والعدل لأن المنهج الذي ترتكز عليه هذه المصارف هو منهج رباني يزرع الرقابة الداخلية كأصل في سلوك الإنسان وكم هي إخفاقات الدول المعاصرة الناتجة عن غياب هذا النوع من الرقابة الداخلية نظراٌ لمحدودية تأثير الرقابة الخارجية في عالم اليوم.
14)    يتطلب التحويل للعمل المصرفي الإسلامي وضع خطة لتطوير الموارد البشرية لتكون قادرة على التعامل مع الزبائن من خلال اختيار القيادات والأفراد ذات الخبرة في مجال العمل المصرفي التقليدي وإعداده للعمل المصرف الإسلامي.
15)    لكي تستطيع المصارف الإسلامية مواجهة التطورات الكبيرة في الصناعة المصرفية فإنها مدعوة اليوم أكثر من أي وقت مضى، إلى تصميم تشكيلات متنوعة ومتطورة من الخدمات والتجارب وتقديمها بسرعة وبكفاية وبتكلفة أقل لكي تنافس بها المصارف التجارية التقليدية المحلية، والمصارف الأجنبية التي بدأت تزحف نحو المنطقة، وبالتالي تثبت المصارف الإسلامية قدرتها على البقاء والتكيف المتواصل مع مستجدات العمل المصرفي.     

هوامش الدراسة:
1.     www.al-yemen.org.
2.     www.dib.ae.
3.     www.kfh.bh.
4.     www.Alhaqaeq.net.
5.     www.Bltagi.com.
7.     www.Siironline.org.
8.     www.al-yemen.org.
9.     www.kantakji.org.
10.                        www.Meskat.net.
11.                        www.bltagi.com.
12.                        www.kfh.bh.
13.                        alzatri@scs-net.org.
14.                        www.bltagi.com.
15.                        www.pogar.org.
16.                        www.Meskat.net.
17.                        alzatri@scs-net.org.
18.                        Look: www.al-yemen.org. & www.alwgt.com.
19.                        www.almadapaoer.com.
20.                        www.alrajhibant.com.
21.                        www.Islamonline.net.
22.                        www.ArRiyadh.com.
23.     القرضاوي، (2000)، الرقابة الشرعية، مجلة الاقتصاد الإسلامي، عدد 186، ص 44.
24.                        Look: www.Islamonline.net. & www.ArRiyadh.com.
25.                        Look: www.kfh.bh & www.almadapaoer.com. & www.islamicfatwa.net.
26.     حماد، حمزة عبد الكريم، (2006)، الرقابة الشرعية في المصارف الإسلامية، مجلة البيان، العدد 213، الرياض السعودية.
27.     صحيفة الوقت البحرينية، 12 أيار 2007, المصارف الإسلامية تتجه إلى العالمية ... والتحديات تطارد نحوها، البحرين.   

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق