الأحد، 24 فبراير 2013

البورصة المصرية وكيفية تطوير الإفصاح والرقابة وقواعد القيد



البورصة المصرية وكيفية تطوير الإفصاح والرقابة وقواعد القيد

البورصة المصرية والدروس المستفادة من الأزمة المالية العالمية  لتطوير الافصاح والرقابة وقواعد القيد عقوبات التلاعب

تصدرت البورصة المصرية أسواق العالم من حيث تأثرها بالأزمة المالية العالمية ، وانهارت أسعار الأسهم بمعدلات فاقت معظم دول العالم التي صدرت الأزمة ، وهبط مؤشر البورصة الرئيسي كاس 30 من أعلي مستوي وصل إليه في مايو 2008 عند 12 ألف نقطة ، ليصل الي ادني مستوي له في الربع الأخير من نفس العام عند 3600 نقطة، بنسبة انخفاض وصلت الي مايقارب 70% مقارنة مع انخفاض مؤشر داو جونز المؤشر الرئيسي للسوق الأمريكي خلال نفس الفترة بنسبة لم تتجاوز 35%، بينما وصلت نسبة انخفاض المؤشر منذ بداية العام إلي حوالي 58% ،وهو مايعني أن السوق المصري انخفض ضعف السوق الأمريكي الذي صدر الأزمة للعالم ،كما خسرت البورصة المصرية حوالي 450 مليار جنيه من قيمتها السوقية خلال نفس الفترة ، وهنا يفرض التساؤل نفسه لماذا هبط السوق المصري أكثر من أغلب أسواق العالم؟ وهل هناك أسباب موضوعية لهذا الهبوط أم أن الأمر مرتبط بحالة الفوضى التي عمت أسواق العام بسبب الأزمة المالية ؟
الواقع أن الأزمة العالمية أفرزت العديد من المستجدات حول الضوابط الخاصة بأسواق المال والرقابة ، وأصبح العالم كله يبحث عن قواعد جديدة لحماية المستثمرين والاستفادة من دروس الأزمة المالية العالمية ، وإعادة النظر في بعض الأدوات المالية عالية المخاطر ، ومثلت الأزمة جرس إنذار للجهات الرقابية في أسواق المال بضرورة وجود إجراءات أكثر صرامة لمنع التلاعب ، كما أظهرت الدور الحيوي لمراقبي الحسابات ودورهم الفاعل في أسواق المال ، كما بينت بشكل واضح خطورة الاعتماد علي رؤوس الأموال الأجنبية والتي قد تكون سببا مباشرا في ضرب الأسواق بشدة وجرها إلي حافة الانهيار كما حدث في السوق المصري .

صعود هستيري
من المهم لتحليل ماحدث في السوق المصري خلال الفترة الأخيرة وانهيار الأسعار بع الأزمة المالية العالمية ، معرفة ماحدث خلال الفترة من عام 2003 وحتى بداية عام 2009 ، ففي مارس من عام 2003 بدأت البورصة المصرية رحلة صعود قوية ، وصعد مؤشر السوق بنسبة بلغت في المتوسط حوالي 110% خلال أعوام 2003 و2004 و2005 .
وساعد في حدوث الانطلاقة القوية للبورصة المصرية عدة عوامل لعل أبرزها تولي حكومة الدكتور أحمد نظيف مقاليد الأمور وتشكيل المجموعة الاقتصادية من وزراء ينتمون إلي مجموعة الليبراليون الجدد ، وكان من أهم ملامح هذه الفترة الانطلاق ببرنامج الخصخصة المصري بخطوات متسارعة للغاية ، وبعد أن انتهت حكومة عاطف عبيد من بيع أكثر من 80% من قطاع الأسمنت للأجانب ، قامت حكومة نظيف ببيع كل البنوك المشتركة تقريبا للأجانب ، فعلي سبيل المثال أصبحت كل البنوك المدرجة في البورصة مملوكة تقريبا لمستثمرين أجانب ، كما قامت هذه الحكومة ببيع بنك الإسكندرية وهو أحد البنوك الحكومية الأربعة إلي بنك إيطالي وذلك تحت ضغوط من المؤسسات المالية الدولية وفي مقدمتها صندوق النقد والبنك الدوليين ، كما تم بيع شركات أخري في قطاعات متنوعة أبرزها المصرية للأسمدة ، وحصص من شركات عملاقة مثل سيدي كرير للبتروكيماويات والإسكندرية للزيوت المعدنية ، وكانت النتيجة هي وفقا لأرقام معلنة من الرئيس السابق للهيئة العامة لسوق المال الدكتور هاني سري الدين هو امتلاك المستثمرين الأجانب لحوالي 49% من القيمة السوقية للشركات المدرجة في البورصة المصرية ، وقد تكون هذه النسبة هي الأعلي في جميع أسواق العالم  ، كما وصلت نسبة الأجانب من قيمة التداول اليومية إلي مايعادل 30% من إجمالي قيمة التعاملات في البورصة المصرية ، كما قامت الحكومة بإجراءات أخري لتشجيع الاستثمار الأجنبي أبرزها تحرير سعر صرف الجنيه المصري داخليا وكذلك تخفيض الضرائب وإجراء تعديلات جمركية .
كما حدثت بعض الإصلاحات في القطاع المصرفي أبرزها تعهد البنك المركزي المصري بتوفير الدولار أو العملات الحرة الأخرى لأي مستثمر أجنبي يرغب في الخروج من السوق المصري .كما شهد الاقتصاد المصري تحسنا في معدلات النمو المعلنة لتصل إلي أكثر من 7% سنويا كما زادت معدلات النمو الصناعي واستقرت أسعار الصرف ، وتراجعت معدلات البطالة .
وبشكل عام لاقت هذه الإجراءات قبولا من المستثمرين الأجانب ودخلوا بقوة للسوق المصري ، وأصبحت تعاملاتهم شرائية ، وكانت أحد العوامل الرئيسية في صعود السوق .
كما ساهمت الفوائض الضخمة لرؤوس الأموال العربية نتيجة الارتفاع المتوالي في أسعار النفط إلي بحث هذه الأموال عن فرص استثمارية ووجه المستثمرون العرب جانب من فوائض السيولة إلي البورصات العربية وفي مقدمتها البورصة المصرية .
ووصلت أسعار الأسهم إلي مستويات مبالغ فيها ومرتفعة طبقا لمضاعفات الربحية في بداية عام 2006 ، وشهد السوق مبيعات قوية من الأجانب دفعت مؤشر السوق للانخفاض من مستوي 8200 نقطة في فبراير 2006 ليصل إلي 4500 نقطة في يونيو من نفس العام بهبوط وصلت نسبته إلي حوالي 45% ، غير أن السوق بدأ في التعافي مع عودة الأجانب للشراء وكذلك العرب واستمر الصعود خلال عام 2007 وحتي مايو 2008 ليصل مؤشر البورصة إلي حوالي 12 ألف نقطة .


هبوط تراجيدي
علي الرغم من الصعود الكبير للبورصة المصرية في الأشهر الخمسة الأولي من عام 2008 ، إلا أن السوق بدأ مرحلة هبوط قوية لتشهد أسوأ أعوامها علي الإطلاق ليفقد المؤشر عند نهاية العام حوالي 58% من قيمته مقارنة مع بداية العام وحوالي 70% من أعلي مستوي له علي الإطلاق عند 12 ألف نقطة والذي سجله في منتصف شهر مايو من نفس العام .وساهمت عدة عوامل في هذا الهبوط الحاد علي رأسها الأزمة المالية العالمية ومشكلة الرهن العقاري في السوق الأمريكي والتي أدت لانهيار مستويات السيولة في المؤسسات المالية العالمية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا وبعض الدول الآسيوية ،وتأثرت بعض البنوك والدول العربية بالأزمة ، وتسببت الأزمة في خروج قوي للأجانب من البورصة المصرية وزادت مبيعاتهم عن مشترياتهم بحوالي 2 مليار دولار حسب الأرقام الرسمية الصادرة عن البورصة والبنك المركزي المصري ، كما أن بعض القرارات الحكومية التي صدرت في شهر مايو من عام 2008 لم تلق قبولا من المستثمرين الأجانب ، وهي القرارات ألغت بعض الإعفاءات الضريبية علي المناطق الحرة ، ورفعت سعر الغاز الطبيعي للمصانع إلي مستويات تقترب من الأسعار العالمية .كما أدي الارتفاع الحاد لمستويات التضخم إلي مايزيد عن 20% إلي هروب الاستثمارات الأجنبية .
وهنا تكمن مشكلة الأموال الساخنة وتأثيرها علي البورصات وخصوصا في سوق صغير الحجم مثل السوق المصري ،فطبيعة هذه الأموال تتميز بالحركة السريعة والبحث عن الربح في غياب الضوابط التي تحجم من سرعة حركتها ، كما أن معظم المؤسسات المالية العالمية التي تستثمر في السوق المصري استمرت في البيع لتغطية خسائرها في الأسواق الرئيسة الكبرى، كما أن المستثمرين العرب اتجهوا للخروج من البورصة المصرية لتعويض خسائرهم في أسواقهم وانهيار استثماراتهم في المؤسسات المالية العالمية ، وفاقم من هذا الاتجاه انخفاض أسعار النفط ، ليستمر انخفاض مؤشر البورصة خلال عام 2009 ، ويفقد المؤشر حوالي 16% من قيمته خلال شهر يناير من نفس العام وذلك وفقا للتقرير الصادر عن البورصة المصرية .وزاد من حدة الهبوط وصول الأسعار في شهر مايو من عام 2008 إلي مستويات مرتفعة ووصل مضاعف الربحية إلي حوالي 25 مرة كمتوسط للسوق بأكمله ، ووصل في بعض الأسهم إلي أكثر من 300 مرة ، نتيجة للمضاربات وغياب الوعي وضعف الإمكانيات الرقابية والعقوبات في قانون سوق المال المصري رقم 95 لسنة 1992.
كما أظهرت الأزمة المالية العالمية هشاشة النمو في الاقتصاد المصري لاعتماده علي قطاعات غير صناعية ترتبط بشكل كبير علي الوضع العالمي وفي مقدمتها السياحة وتحويلات العاملين في الخارج ودخل قناة السويس ، كما أظهرت أكذوبة الارتفاع القياسي في الاستثمار الأجنبي المباشر ، حيث مثلت بيع الأصول والشركات والأراضي العقارية الجانب الأكبر من هذه الاستثمارات .وكذلك استمرار المشاكل الهيكلية في الاقتصاد المصري وخصوصا العجز في الميزان التجاري وضعف الصادرات وارتفاع الدين الداخلي .
وهو مايعني ضمنيا أن الاقتصاد المصري قد يعاني خلال الفترة القادمة من الأزمة مع توقعات بحدوث انخفاض في عوائد مصر من العملات الحرة مع استمرار العجز المزمن في الميزان التجاري .

ضعف قواعد القيد
لاتقتصر أسباب هبوط البورصة المصرية علي الوضع الاقتصادي الكلي وتداعيات الأزمة المالية العالمية وسيطرة الأجانب علي السوق ، وإنما تمتد لتشمل القواعد المنظمة للسوق وفي مقدمتها قواعد القيد والتي سمحت بقيد شركات صغيرة تسمح بتحكم المضاربين في أسهم الشركة والتلاعب بها، ففي بداية احياء البورصة المصرية سمح القانون بقيد شركات لايزيد رأسمالها  عن 250 ألف جنيه، وبدون اشتراط أن تكون الشركة مفتوحة وبها رأسمال حر متاح للتداول مما سمح بقيد شركات عائلية مغلقة للاستفادة من الإعفاءات الضريبية التي تقدمها البورصة للشركات المقيدة بها  ، ثم تطورت القواعد لتصدر البورصة في عام 2008 قواعد قيد جديدة رفعت الحد الأدنى لرأسمال الشركة التي تقيد في البورصة عند 30 مليون جنيه مع ضرورة أن يكون عدد المساهمين 150 مساهم علي الأقل وأن يكون الحد الأدنى لعدد أسهم الشركة 2 مليون سهم ، وكذلك نسبة تصل إلي 15% من إجمالي عدد أسهم الشركة رأسمال حر متاح للتداول ، وأن تكون حقوق المساهمين أكبر من رأس المال المدفوع وهو مايعني ضمنيا أن الشركة حققت أرباح ولا توجد لديها خسائر مرحلة من أعوام سابقة ، وأن تكون الشركة قد حققت أرباح تصل إلي 155 من رأسمالها المدفوع في آخر سنة مالية .
وأعطت إدارة البورصة مهلة للشركات لمدة 6 شهور لتوفيق أوضاعها طبقا لهذه الشروط مع دفع غرامة بعد 3 شهور في حالة عدم توفيق الأوضاع والشطب من جداول البورصة مع نهاية المهلة المحددة .
ورغم أن هذه الشروط ليست بالقوة الكافية التي تؤدي لاستحالة تحكم المضاربين في أسهم الشركات والتلاعب بها ، إلا أنها أفضل كثيرا من الوضع السابق في السوق وشروط القيد القديمة والتي أفرزت العديد من الظواهر التي لاتوجد في أي بورصة في العالم أبرزها سيطرة مضارب واحد علي حصة كبيرة من أسهم الشركة ورفعها لمستويات خيالية ،وقد تؤدي عمليات الشراء القوية من المضار إلي اختفاء عروض البيع أحيانا رغم أن أسواق المال تتميز بالسهولة ودائما ماتوجد عروض وطلبات علي كل الأسهم  وهو مايدفع صغار المستثمرين لشراء أسهم هذه الشركة ، ثم يبدأ كبار المضاربين في بيع أسهمهم تدريجيا محققين أرباح خيالية تاركين صغار المستثمرين يعانون من الخسائر ، وسبب هذه الظاهرة هو وجود شركات مدرجة حاليا في البورصة لايزيد رأسمالها المدفوع عن 2 مليون جنيه ، أي مايوازي أقل من 400 ألف دولار أمريكي . ورغم أن قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992 وتعديلاته تمنع سيطرة مستثمر واحد علي أكثر من 10% بدون عرض شراء إلا أن صغر حجم الشركات ، سمح للمضاربين بوجود تكتلات تعمل بشكل مشترك للسيطرة علي أسهم الشركات الصغيرة والتلاعب بها ، أو أن يقوم نفس المستثمر باستخدام أسماء وهمية للسيطرة علي الشركة والتحايل علي القانون .
ويبدو من الضروري مع نمو حجم المضاربين والأموال الساخنة مراجعة قواعد القيد الجديدة لتكون أكثر قوة مع ضرورة رفع الحد الأدنى لرأسمال الشركة المدفوع إلي 50 مليون جنيه علي الأقل وزيادة نسبة رأس المال الحر المتاح للتداول إلي 25% من أسهم الشركة .وأن يصل الحد الأدنى لعدد المساهمين إلي 500 مساهم .وهو مايضمن سيولة سهم الشركة وزيادة حجمها مما يقلل من فرص المضاربين للسيطرة علي أسهم الشركات والتلاعب بها .

الشفافية والإفصاح
تمثل العدالة في وصول المعلومات والشفافية والإفصاح ثقلا كبيرا في أسواق المال ، لأن اتخاذ القرار الاستثماري يتوقف بشك كبير عليها ، وتقدم البورصة صورة عن المجتمع بأكمله في هذا الاطار من ناحية غياب العدالة وتسريب المعلومات لكبار اللاعبين في السوق من مستثمرين ومؤسسات قبل صغار المستثمرين ، فأغلب القرارات الهامة سواء استحواذات أو نتائج أعمال يتم تسريبها لكبار المستثمرين عن طريق إما مجالس الإدارات أو مراقبي الحسابات أو المستشارين الماليين ، وأصبح القرار الاستثماري لصغار المتعاملين مبني علي الشائعات ، وفي كثير من الأحيان يتم التأكد بعد ذلك أن الشائعة معلومة صحيحة ولايتخذ أي قرار عقابي علي من سرب المعلومة أو المتلاعبين ،ووجهت البورصة رسائل لأكثر من 125 شركة خلال عام 2008 تطلب منها تأكيد أو نفي معلومة منتشرة في السوق في صورة شائعات ، والمشكلة تكمن في ضعف الإمكانيات الرقابية في السوق ، وغياب النصوص القانونية الرادعة أسوة بالأسواق العالمية .
كما أن قانون سوق المال رقم 95  لسنة 1992 وتعديلاته يلزم الشركات بالإفصاح عن قوائمها المالية خلال فترة لاتتجاوز 45 يوما من انتهاء الفترة المالية ، وهي فترة طويلة نسبيا تمكن من تسريب المعلومات ، ولاتزيد هذه الفترة عن 30 يوما في اغلب الأسواق وتصل في البعض الي 15 يوما فقط ، كما أن عقوبات تأخير إرسال القوائم المالية حتى بعد مضاعفتها في عام 2008 لاتزال هزيلة ولاتتجاوز 30 ألف جنيه ، وهو ما أدي لعدم التزام أكثر من 100 شركة بإرسال قوائمها المالية في المواعيد المحددة ، وهو مايمثل حوالي 25% من الشركات المقيدة في البورصة .
كما أن إفصاح الشركات أحيانا مايأتي مبتسرا ومنقوصا ويترك الباب مفتوحا أمام الشائعات وخصوصا المعلومات المرتبطة بالاندماجات والاستحواذ، حيث يأتي رد الكثير من الشركات بعدم النفي أو التأكيد لبعض المعلومات والأخبار التي تنتشر في السوق .  


الحوكمة نصوص قانونية بدون روح

ربما يكون سوق المال المصري من أول أسواق المال العربية التي طبقت مبادئ الحوكمة طبقا للمعايير الدولية بعد تعريبها ، وتمثل مبادئ،  الحوكمة في جوهرها مجموعة من القواعد لتحقيق الشفافية والعدالة والمساواة بين المستثمرين ، ومن أهم المباديء التي نصت عليها هي فصل الإدارة عن الملكية ، وطبقا لواقع الحال فإن حوالي 10% فقط من الشركات المدرجة في البورصة هي الملتزمة بهذا المبدأ ، وهو مايوازي حوالي 37 شركة من بين 373 شركة مدرجة في جداول البورصة المصرية بنهاية عام 2008 ، أما باقي الشركات فيتم فيها الجمع بين عضوية مجلس الإدارة مع وظيفة تنفيذية في الإدارة العليا ، ورغم أن تعديلات قواعد القيد في البورصة والتي تمت عام 2008 جعلت الالتزام بالحوكمة شرط من شروط القيد واستمراره فإن أغلب الشركات لم تلتزم ، ولم يتم شطبها من البورصة ، والمشكلة الأكبر هي أن أكثر الشركات التي لاتطبق القواعد هي الشركات التي تهيمن الحكومة علي حصص مسيطرة فيها ، وتقوم الحكومة بتعيين مجالس إدارتها والمديرين التنفيذيين فيها .والمشكلة هنا أنه حثي الآن ورغم أن قواعد الحوكمة أصبحت إلزامية في قواعد القيد إلا أنه لم يتم شطب الشركات غير الملتزمة بها، وبالتالي تجاهلتها أغلب الشركات ، كما فكرة الحوكمة نفسها يجب أن ترتبط بقناعة مجالس الإدارات والمديرين التنفيذيين بها وهم ما يطلق عليهم المطلعين ، لأنه من الصعب رقابة كل منهم 24 ساعة يوميا ، ويبقي الضمير البشري من أهم متطلبات الحوكمة ، بالإضافة إلي اقتناع المطلعين في الشركات بأن الشركات التي تلتزم بمبادئ الحوكمة هي أكثر الشركات نموا والأكثر قدرة علي جذب الاستثمارات المحلية والعالمية إليها ، كما أنها تمتلك فرص أفضل للتمويل سواء عن طريق حقوق الملكية أو عن طريق إصدار سندات أو الاقتراض من البنوك المحلية والعالمية .

الجمعيات العمومية
يعطي قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992 سلطات قوية للجمعيات العمومية ، وبدون موافقتها لاتعتبر قرارات مجالس إدارات الشركات المرتبطة بتوزيع الأرباح وإبراء ذمة مجالس الإدارات والتغيرات في هيكل المساهمين قرارات سارية المفعول، إلا أن واقع الحال في سوق المال المصري يبطل بشكل كبير الدور الحيوي للجمعيات العمومية . ومن أبرز المشاكل التي تواجه صغار المساهمين في الشركات وتمنعهم من حماية حقوقهم عن طريق الجمعيات العمومية هوتركز ملكية أكثر من 95% من الشركات المقيدة في أيدي عدد محدود من المستثمرين أو الملاك بما فيها الشركات الحكومية جعل دور الجمعيات العمومية في الرقابة دور شرفي لا أكثر ، لأن في النهاية من يسيطرون يتخذون القرارات التي تخدم مصالحهم علي حساب الأقليات، ورغم أن قانون سوق المال رقم 95 لسنة1992 أعطي الحق لأي مجموعة من المستثمرين تمتلك 5% علي الأقل من أسهم الشركة بإبطال قرارات الجمعية العمومية إذا اعترضوا عليها ، ورأت الجهة الرقابية وهي الهيئة العامة لسوق المال أن القرارات جائرة ـ إلا أن هذا القرار غير مفعل بسبب تفتيت نسبة الأقلية في الملكية بين عدد كبير من المستثمرين وكذلك غياب ثقافة أسواق المال عن أغلب المستثمرين  والذين يفضلون عادة عدم حضور الجمعيات العمومية لأنهم يعلمون مسبقا أنه ستتم إقرار القرارات التي اتخذها مجلس إدارة الشركة والذي يمتلك أغلبية مريحة تمكنه من اتخاذ القرار، كما أن بعض الشركات دأبت خلال الفترة الماضية في إقامة جمعياتها العمومية في مناطق نائية بدون توفير وسيلة انتقال للمستثمرين أو تغيير مكان انعقاد الجمعية بشكل مفاجئ بهدف ابعاد صغار المستثمرين عن حضور الجمعيات العمومية .

قواعد التعامل وسيلة للتلاعب
تمثل قواعد التعاملات ثغرة تمكن المضاربين من التلاعب بأسعار الأسهم حيث يتم تغيير سعر الأقفال بتداول 100 سهم فقط ، وهو مايؤدي إلي خلق مضاربات وهمية علي أسعار أسهم الشركات محدودة السيولة والتي تمثل حوالي 70% من إجمالي عدد الشركات المدرجة في ولكنها لاتزيد في قيمتها السوقية  عن حوالي 20% من القيمة السوقية الإجمالية للبورصة ، وربما يؤدي تغيير قواعد القيد والتي بدأ العمل بها مع بداية عام 2009 الي شطب عدد من الشركات الصغيرة ، ولكنه لن يؤدي ألي اختفاء هذه الظاهرة ، لأن القواعد ليست بالقوة لتحقيق شروط السيولة لأسهم الشركات بدرجة تمنع من التلاعب بأسعارها . كما أن وضع شروط علي حركة أسعار الأسهم لايمنع التلاعب لأن الحد الأقصى لصعود سعر ورقة مالية يصل إلي 20% ويرفع سقف التحرك السعري في حالة وجود تغيرات جوهرية في هيكل الملكية ، وعادة ماتفرض بعض الأسواق العالمية مثل بورصة لندن ضرورة إدلاء مدير تنفيذي بالشركة بتصريح عن أسباب صعود سهم شركته إذا زادت نسبة الصعود عن 7% خلال جلسة واحدة ، وهو مايؤدي لتوضيح الحقائق للمستثمرين عن أسباب الصعود ومدي منطقيته ، ووجود أسباب جوهرية تدفع لهذا الصعود أم أنه يعود لمضاربات وهمية ، بينما تتغاضي البورصة المصرية والشركات عن صعود أسهم بعض الشركات بنسبة تصل إلي 20% خلال جلسة واحدة ، وهو الأمر الذي يجب إعادة النظر فيه وتحويله إلي نص قانوني ملزم للشركات المقيدة في البورصة بضرورة توضيح أسباب الصعود إذا تجاوز 10% خلال الجلسة.

دور مراقبي الحسابات
يمثل مراقبي الحسابات وشركات المحاسبة الباب الملكي لتسريب نتائج أعمال الشركات المقيدة في البورصة ،ودائما ما يكون مراقب الحسابات علي دراية بنتائج أعمال الشركة قبل أن يتم إعلانها رسميا ، ويمكن لمراقبي الحسابات تسريب هذه النتائج إلي بعض المضاربين والمؤسسات المالية لتتخذ قرارها بالبيع أو الشراء حسب النتائج المالية التي حققتها الشركة ، ولا يقتصر دور مراقبي الحسابات علي ذلك بل الدور الأكبر هو الضمير في تأكيد تطابق الميزانية التي تصدرها الشركة مع وضعها المالي ، وغير بعيد عن الأذهان بعض حالات التواطؤ والتي حدثت في السوق الأمريكي وخلفت ورائها خسائر بمئات المليارات من الدولارات ، وأهم هذه الوقائع هو تواطؤ آرثر أندرسون مع شركة إنرون للطاقة ، وكانت نتائج هذا التدليس هو انهيار أسهم الشركة وخلفت ورائها خسائر ضخمة لحاملي أسهمها ، ونتج عن ذلك إنشاء مجلس أعلي لمراقبة أعمال المحاسبين .
وفي مصر قامت الهيئة العامة لسوق المال بتكوين سجل لمراقبي الحسابات المصرح لهم بمراجعة القوائم المالية للشركات المقيدة في البورصة ، وروعي في  اختيار شركات المحاسبة المقيدة في السجل سابق أعمالها ، وهل خالفت القانون أم لا، ورغم عدم وجود حالات مخالفة صارخة في السوق المصري علي غرار إنرون الأمريكية ، إلا أن بعض شركات المحاسبة تقوم بضبط القوائم المالية للشركات المقيدة وفق تصور الشركة نفسها ، ويتطلب الأمر زيادة الرقابة علي شركات المحاسبة سواء من الهيئة العامة لسوق المال أو من جمعية المحاسبين والمراجعين مع ضرورة إنشاء هيئة حكومية مستقلة علي غرار البنك المركزي لرقابة المحاسبين .

المستشارين الماليين وشركات التقييم
يلعب المستشارين الماليين وشركات التقييم دورا مهما في أسواق المال ، لعدة أسباب علي رأسها دور المستشارين الماليين وشركات في تحديد القيمة العادلة لأسهم الشركات التي تطرح جانب من أسهمها للاكتتاب العام بالقيمة العادلة ، وهنا تكمن المشكلة في تحديد السعر العادل للسهم والتقييم العادل للسهم لكي لايكون الطرح في صالح كبار المساهمين والمؤسسين للشركة علي حساب المكتتبين ، وتوجد عدة طرق لتحديد السعر العادل للسهم منها طريقة التدفقات النقدية المخصومة وصافي الأصول ومتوسط مضاعف الربحية للسوق والقطاع الذي تنتمي إليه الشركة ، وشهد السوق المصري عمليات تلاعب كثيرة في هذا الاطار مما اضطر الهيئة العامة لسوق المال لوضع ضوابط للقيمة العادلة ، وتم اتخاذ قرار بأن تكون متوسط سعر السهم في البورصة خلال آخر ستة شهور ثم قلصت المدة إلي شهر ، ورغم ذلك لم تنتهي المشكلة لأن الشركات التي تنوي طرح جانب من أسهمها للاكتتاب عادة ماتقوم قبل الطرح بمضاربات وهمية لدفع سعر سهمها للارتفاع وبالتالي يصل سعر طرح السهم للاكتتاب العام إلي القيمة التي ترغبها الشركة وكبار المساهمين فيها .وبالتالي لابد من إعادة النظر في كيفية تحديد القيم العادلة للشركات بشكل يحافظ علي حقوق المكتتبين ، ويمنع المغالاة في تحديد السعر العادل للسهم ، كما أن شركات البحوث التي تصدر دراسات عن الشركات المقيدة في البورصة تصدر دراسات تخدم مصالح الشركات والمضاربين علي حساب صغار المستثمرين ، وهو نوع من التلاعب وأحيانا تصدر شركات الأوراق المالية وبنوك الاستثمار الكبرى توصيات بشراء سهم معين بينما تقوم الشركة نفسها ببيع السهم ، وهو نوع من الخديعة يؤدي إلي تحقيق هذه الشركات لأرباح علي حساب صغار المساهمين ، وبالتالي لابد من وضع رقابة صارمة علي إدارات البحوث في شركات السمسرة ، ويجب أن تكون مستقلة تماما عن باقي الإدارات في الشركة .

المراقب الداخلي
استحدث هيئة سوق المال وظيفة المراقب الداخلي في الشركات المقيدة في البورصة ، وبنوك الاستثمار وشركات الأوراق المالية ، وتم تحديد دور المراقب الداخلي في الشركة برقابة قرارات مجالس الإدارة والوضع المالي للشركة داخليا لصالح المساهمين ،وإبلاغ مجالس إدارات الشركات بالمخالفات والمشاكل لتلافيها وحلها حتى لاتتفاقم وتتحول إلي  وهو تضارب صارخ في المصالح فالمنوط بتعيين المراقب الداخلي هو مجلس إدارة الشركة ، وتدفع الشركة مرتبه ، وبالتالي عادة ينفذ المراقب الداخلي مايطلبه مجلس الإدارة بدلا من أن يكون عين للمساهمين علي الوضع الداخلي للشركة ، وبالتالي أصبح ضمير المراقب الداخلي هو العامل الرئيسي في أداء مهمته ، وهو الأمر الذي لايصلح في الأسواق وبالتالي من المهم أن تكون هناك رقابة علي المراقب الداخلي من الهيئة العامة لسوق المال لضمان سلامة وضع الشركة المالي والحفاظ علي حقوق المساهمين .

حقوق الأقليات
اتجه قانون سوق المال لوضع ضوابط للحفاظ علي حقوق الأقليات ويقصد بهم مجموعة المستثمرين الذين يملكون حصة تقل عن 50% من أسهم الشركة وبالتالي لايملكون سلطة تغيير القرار في الجمعيات العمومية للشركات ، وأعطي القانون الحق لمجموعة من المساهمين تمتلك 5% أو أكثر من أسهم الشركة للاعتراض علي قرارات الجمعية العمومية وإرسال الاعتراض إلي الهيئة العامة لسوق المال وإن رأت الهيئة أن اعتراض المساهمين مبرر وهناك تعسف من مجالس الإدارات فمن حقها أن تلغي قرارات الجمعية العمومية للشركة ، ولايفعل هذا القرار بالقدر الكافي  ، وذلك لتفتت الملكية بين صغار المساهمين ، وصعوبة تجميع 5% أو أكثر من الأسهم ، وحتي في الحالة الوحيدة التي حدثت في السوق المصري رفضت الشركة إلغاء القرارات ، رغم صدور قرار من الهيئة العامة لسوق المال بإلغائها ، ونقصد بها حالة شركة الإسكندرية للأسمنت والتي إشترتها بلوسيركل العالمية ، حيث قامت الشركة بنقل ملكية خط كامل لإنتاج الأسمنت بالقيمة الدفترية إلي من شركة الإسكندرية للأسمنت إلي شركة أخري تابعة لها ، واعترض مساهمو الأقلية ومنهم الحكومة التي تمتلك حصة وصلت وقتها إلي حوالي 8% من أسهم الشركة ، واقتنعت الهيئة إدارة الشركة العامة لسوق المال بمبررات الأقلية وألغت قرارات مجلس الإدارة ، ولكن الشركة الإنجليزية نفذت القرار ولم تلتزم بالقانون وتغاضت الحكومة والهيئة العامة لسوق المال وقتها علي تصرف الشركة .
وأصدرت الهيئة العامة لسوق المال قرارات أخري لحماية حقوق الأقليات منها ضرورة أن يقوم أي مستثمر إستراتيجي يشتري حصة مسيطرة من أسهم شركة بشراء جانب من حصص صغار المساهمين الراغبين في البيع أولا وذلك حسب الكمية التي يرغب في شرائها ، ويعتبر هذا الشرط أقل قوة من المتبع عالميا ، حيث تنص معظم القوانين في أسواق المال الأوروبية علي ضرورة أن يشتري المستثمر الاستراتيجي كامل حصة صغار المساهمين أولا .

شهادات الإيداع الدولية والعدالة الغائبة

لجأت بعض الشركات المقيدة في البورصة المصرية إلي إصدار شهادات إيداع دولية تقيد في سوق خارج المقصورة في بعض البورصات العالمية وأبرزها لندن ، وذلك عن طريق اختيار أحد البنوك العالمية الكبرى كبنك إيداع يتم فيه حفظ هذه الأسهم وإعادة طرحها للمستثمرين وتداولها في سوق خارج المقصورة ، وكان الهدف من إصدار هذه الشهادات الترويج للشركات الكبر في البورصة المصرية ، وتعريف الأجانب بالسوق المصري ، وتوصيل الأسهم إلي سوقه المحلي حتى يتم تداولها بعملته المحلية لتفادي مخاطر التغيرات الحادة في أسعار الصرف في الأسواق الناشئة بشكل عام .
ولكن ماحدث فعليا هو استخدام شهادات الإيداع كوسيلة للتأثير علي أسعار الأسهم في السوق المحلي في ظل غياب الرقابة عليها في الأسواق العالمية لتداولها في سوق خارج المقصورة ، والمشكلة الأكبر هو غياب العدالة بين حاملي أسهم هذه الشركات في السوق المحلي ومشتري شهادات إيداع نفس الشركات في بورصة لندن والسبب ببساطة هو أن شهادات الإيداع الدولية يسمح بالتعامل عليها بأدوات مالية أكثر تطورا ومنها الشورت سيلنج أو تسليف السهم بغرض التداول ، وهو مايسمح لمالكي الشهادات في الأسواق العالمية بالربح في أوقات الهبوط إذا استطاعوا قراءة اتجاه السوق بشكل جيد ، لأنه يستطيع اقتراض الورقة المالية وبيعها بالأسعار الحالية إذا رأي أن الأسعار ستتجه للانخفاض ، وفي وضع هابط للأسواق مثل الوضع الحالي عالميا ومحليا فإن المضاربة علي الهبوط تحقق أرباح جيدة لمالكي شهادات الإيداع الدولية ، بينما لاتوجد نفس الأدوات في السوق المحلي .
كما أن شهادات الإيداع الدولية للشركات المصرية والتي أصدرتها 10 من أكبر الشركات المدرجة في البورصة أصبحت تنقل عدوي مايحدث في الأسواق العالمية للسوق المصري، وهو ما يتطلب ضرورة إعادة النظر في هذه الشهادات حيث لاتوجد جدوى حقيقية لوجودها مع استقرار أسعار الصرف والنسبة الكبيرة التي يمثلها ا؟لأجانب في السوق المحلي .

تعاملات مجالس إدارات الشركات وأسهم الخزينة
يسمح قانون سوق المال للداخليين في الشركات بالتعامل علي أسهمها في البورصة ، ويقصد بالداخليين مجالس إدارات الشركات والإدارة التنفيذية العليا ، وينظم القانون مبيعات ومشتريات مجالس الإدارة لمنع الاستفادة من المعلومات الداخلية ، حيث نص قانون سوق المال رقم 95 لسنة 1992 علي ضرورة أن تمتنع مجالس إدارات الشركات عن التعامل علي أسهم شركاتهم قبل صدر أي معلومة جوهرية بمدة 15 يوما و3 أيام بعد إصدار هذه المعلومات سواء كانت اندماجات أو استحواذات أو نتائج أعمال . ورغم ذلك تحولت تعاملات مجالس إدارات الشركات إلي المضاربة علي أسعار أسهم شركاتهم بدلا من أن تكون وسيلة للتخارج ونقل الملكية ، وببساطة فإن مجالس إدارات الشركات تكون علي دراية بالمعلومة قبل صدورها بوقت طويل وبالتالي فإن فترة الحظر التي حددها القانون غير كافية بالمرة لمنع استفادة مجالس الإدارة من المعلومات الداخلية ولابد من إعادة النظر في فترة الحظر لكي تصل إلي مدة لاتقل عن شهر قبل صدور أي خبر جوهري ولمدة أسبوع بعده لمنع تلاعب مجالس إدارات الشركات والاستفادة من المعلومات الداخلية . وهناك مشكلة أخري وهي تعامل مجالس إدارات الشركات علي أسهم شركاتهم بأسماء وهمية وهو ما يتطلب رقابة أكبر علي مجالس إدارة الشركات والأشخاص المرتبطين بهم ، وإعادة مراجعة شاملة لجميع الأشخاص المرخص لهم بالتعامل في البورصة لمعرفة الأسماء الوهمية والأشخاص المرتبطين بالمطلعين علي المعلومات .
وفي نفس الإطار أعطي القانون للشركات نفسها الحق في شراء أسهمها في صورة أسهم خزينة إذا رأت الشركة أن سعر سهمها في البورصة أقل كثيرا من قيمته العادلة ، مع ضرورة أن تحدد الشركة المستوي السعري الذي ستشتري عنده هذه الأسهم ، وأن يتم إعدام هذه الأسهم وتخفيض رأسمال الشركة بنفس قيمة هذه الأسهم عند الإصدار ، إذا مرت عليها سنة مالية كاملة ولم يتم إعادة بيعها مرة أخري .  وبدلا من استخدام أسهم الخزينة كوسيلة لدعم سهم الشركة فإن الشركات استخدمتها كوسيلة للمضاربات ورفع أسعار أسهمها

سيطرة الأفراد وغياب دور الدولة والمؤسسات
تمثل تركيبة المستثمرين في البورصة المصرية وضعا يسمح بالمضاربات والعشوائية وانتشار الشائعات ، ووفقا للإحصائيات الصادرة عن البورصة المصرية فإن متوسط قيمة التداول خلال ا؟لأعوام الثلاثة الماضية تتوزع بين 30% للمؤسسات وحوالي 70% للمستثمرين الأفراد ومعظمهم من صغار المستثمرين .
ويعتبر هذا الوضع معاكسا للوضع في الأسواق العالمية حيث تمثل تعاملات المؤسسات في الأسواق العالمية حوالي 90% من إجمالي التعاملات مقابل 10 للأفراد .
وأدت سيطرة الأفراد الجانب الأكبر من تعاملات البورصة إلي تكوين بيئة خصبة لنشر الشائعات والمضاربات العشوائية ، وتوجيه السوق
وساهم في ذلك ضعف حجم المؤسسات المالية وغياب الشركات صانعة الأسواق ، والأهم هو غياب دور الدولة نفسها وتدخلها في الوقت المناسب للدفاع عن اقتصادها وتأسيس صناديق سيادية تدخل بشراء أسهم الشركات القوية والتي وصلت لمستويات مغرية ، ومن الممكن أن تحقق أرباح رأسمالية قوية بعد انتهاء الأزمة المالية العالمية. ومن المهم العمل علي زيادة الدور المؤسسي في السوق المحلي وزيادة عدد صناديق الاستثمار وتأسيس الشركات صانعة الأسواق بمبادرة من البنوك الحكومية ، وذلك لامتناع شركات وبنوك القطاع الخاص عن تأسيسها رغم صدور القواعد المنظمة لعملها خلال عام 2008 .

الخلاصة
يمثل ضعف الإمكانيات في الجهات الرقابية علي أسواق المال ، وضعف شروط القيد وقواعد الإفصاح ، وغياب العقوبات الرادعة في قانون سوق المال المصري ثغرة كبيرة ،تمكن من التلاعب بأسعار الأسهم وتسريب المعلومات وعدم الالتزام بقواعد ، وكذلك عدم العدالة في وصول المعلومات للمستثمرين بنفس الدقة وفي نفس التوقيت ، ولابد من إعادة النظر بشكل كامل في القانون الحالي  لسوق المال رقم 95 لسنة 1992 ، والذي يجب إحالته للمعاش وإصدار قانون جديد يلائم التطورات التي حدثت في أسواق المال وزيادة قدرات المضاربين المالية .
ولابد من إعادة النظر في قواعد القيد بما يسمح بقيد الشركات القوية فقط وذات السيولة العالية ن وكذلك زيادة العقوبات الخاصة بعمليات التلاعب واستخدام المعلومات الداخلية ، وتأخير الشركات في إصدار نتائج أعمالها ، وتقليل فترة المهلة المسموحة لها من 45 يوما إلي شهر علي الأكثر لتقليل فرص التلاعب .
ومن المهم بمكان زيادة كفاءة وإمكانات الأجهزة الرقابية علي السوق وفي مقدمتها الهيئة العامة لسوق المال ، ومدها بكوادر مؤهلة لأن حجم السوق ارتفع بقوة خلال الأربعة أعوام الماضية .
كما أن سيطرة الأجانب علي حوالي نصف رأس المال السوقي للبورصة يمثل خطأ تاريخي ، يمكن تقليل تأثيره عن طريق زيادة دور وحجم المؤسسات المالية المحلية في السوق .
كما أن الأزمة المالية العالمية أفرزت حقائق لايمكن تجاهلها في مقدمتها خطورة الأدوات  المالية الجديدة وعالية المخاطر علي الأسواق حيث كانت السبب الرئيسي للأزمة ، وتأجيل دخولها للسوق المحلي واستمرار فرض ضوابط صارمة علي عمليات التمويل العقاري للمحافظة علي مستويات السيولة في السوق المحلي بما يساعد علي عبور الأزمة بأقل الخسائر .
 





























































































































�د ��>+������x� لسوء الفهم والتحليل الفاشل، وإلقاء اللائمة على مجلس المعايير المحاسبة الدولية دون دراسة مسبقة مؤكده على صحة ذلك.
5. 
أن إلغاء معايير القيمة العادلة أو إيقافها ولو مؤقتا سوف يؤدي إلى فقدان الشفافية والإفصاح وفقد ثقة المستثمر في القوائم المالية مما سيؤدي إلى الابتعاد عن التعامل في الأسواق المالية والذي سوف يؤدي بدوره إلى حالة ركود عالمية أكبر مما هي عليه الآن.
6. 
تشير النتائج بأن مجلس المعايير المحاسبية سيساهم بشكل أو بأخر في حل هذه الأزمة مستقبلاً وخصوصاً أن مجلس المعايير المحاسبية الدولية شكلت لجنه عالمية لدراسة الأمر، وأصدرت دليلا استرشاديا لكيفية تطبيق معايير القيمة العادلة في الأسواق غير النشطة.
ثانياً : التوصيات
1-
 تفعيل دور البنوك المركزية في مراقبة المنتجات المالية للقطاع المالي في جميع تعاملات البنوك التجارية والعقارية والاستثمارية على حداً سواء وعدم السماح بالتعامل مع بعض المنتجات إلا بعد دراسة المنتج دراسة مستفيضة، والتوصل إلى أدوات مالية مقبولة ذات مخاطر منخفضة جداً.
2- 
يجب الإفصاح والشفافية لدى القطاع المالي عن حجم التعثرات المالية التي تكبدتها وخاصةً البنوك والإفصاح عن حجم الأصول المسمومة والموجودة لدى البنوك وأن يتم الإفصاح عن خطة للتخلص منها وتوضيح ذلك للمساهمين حتى يتم أعادة الثقة لهذه البنوك لدى المستثمرين وأن يتم الإفصاح عن ذلك في تقرير مجلس الإدارة.
3- يجب على البنوك المركزية الوقوف مع البنوك المتعثرة، وتقديم مساعدة سريعة لهذه البنوك وخاصة تلك المتورطة بالأدوات المالية عالية المخاطر وكذلك الأصول المسمومة وسد هذه الثغرات المالية في تلك البنوك وذلك للحفاظ على الاقتصاد الوطني من حالة الركود الاقتصادي
4- 
الحد من الاستثمار في المشتقات المالية ووضع قوانين صادرة من البنوك المركزية تحد من العمل في المشتقات المالية ووضع حد للمضاربات في أسواق العقود الآجلة للشراء أو البيع وعدم الاستثمار في السندات الوهمية.
5- 
بحث البنوك عن مصادر للأرباح وذلك في الاستثمار في الاقتصاد الحقيقي وليس الاقتصاد المالي أو النقدي والابتعاد عن الاستثمار في المشتقات المالية ذات المخاطر العالية.
6- 
يجب الإفصاح عن المشتقات وخاصة أنها تعرض في الفقرات خارج الميزانية فهي لا تظهر ضمن حسابات المصرفية وهذا ما جعلها خارجة عن إطار رقابة السلطات المالية والنقدية، عليه يجب أن يتم أظهرها ضمن ميزانيات البنوك حتى تستطيع الجهات الرقابية والمتمثلة في البنوك المركزية من الرقابة على هذه الأدوات المالية ووضع التشريعات التي تحكم العمل بها.
7- 
يجب استخدام معيار القيمة العادلة في تقييم الأدوات المالية وذلك لصحة هذا المعيار من الناحية المحاسبية وخاصة في الأسواق النشطة والتي يمكن تحديد السعر العادل لهذه الأدوات وخاصة أن هذا المعيار قد ساهم بشكل كبير جداً في زيادة أرباح البنوك في فترات سابقة.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق