السبت، 23 فبراير 2013

معطيات التدقيق الخارجي عن المسئولية الاجتماعية للمنظمات الهادفة للربح


معطيات التدقيق الخارجي
عن المسئولية الاجتماعية للمنظمات الهادفة للربح

 ملخص البحث
        يتسم العصر الحالي بضخامة نشاط الوحدات الاقتصادية نظراً لسرعة التبادل بين أسواق المال والتقنيات المتطورة التي ساهمت في فتح الآفاق أمام رجال الأعمال في بذل المزيد من الجهود للتعرف على مسارات الاستثمار وجدواها.
        ولما كانت المحاسبة بمفهومها العام تمثل لغة التقرير عن نشاطات تلك الوحدات وترجمتها إلى حقائق رقمية تعكس إيجابيات وسلبيات النشاطات المعنية، فقد أصبحت الحاجة الأكثر إلحاحا هي التأكد من صحة الإثبات المحاسبي ومن ثم التأكد من المسارات التي تسلكها منظمات الأعمال ومدى تجانسها مع الأهداف المرسومة، وفي هذا الصدد تأتي مهمة التدقيق بصورة عامة للقيام بهذه المهمة وخاصة التأكد من الأنشطة غير المالية ذات التأثير المباشر وغير المباشر على نشاط المنظمة وهو ما يعبر عنه بالمسؤولية الاجتماعية لهذه المنظمة وتبرز أهمية هذا التأثير في المنظمات الهادفة للربح وهذا يعني إبلاء التدقيق عن المسؤولية الاجتماعية أهمية خاصة.
وسنتطرق في هذا المجال إلى الموضوعات التالية:
أولاً: أهمية المسؤولية الاجتماعية في منظمات الأعمال الهادفة للربح.
ثانياً: مدقق الحسابات والمسؤولية الاجتماعية.
ثالثاً: الخلاصة والاستنتاجات.


أهمية البحث

يتناول البحث الرؤيا التي ينبغي أن يهتم بها المدقق الخارجي للمسئولية الاجتماعية في المنظمات الهادفة للربح وخاصة بعد أن نشطت  منظمات حقوق الإنسان في الحث على مكافحة الأضرار التي تلحق بالبيئة ومسئوليات الجهات المختصة وأهمية مهنة المحاسبة في الإسهام  في خدمة المجتمع وانعكاسات التطور التكنولوجي ونظم المعلومات وتأطير ذلك بالمعايير الدولية للمحاسبة التي أضحت محل اعتراف جميع الدول المتقدمة.
مشكلة الدراسة
تتناول المشكلة جانبين مهمين:
الأول:السلوك المهني لمهنة تدقيق الحسابات وعلاقة هذا السلوك بالأنشطة الخارجية للمنظمة.
الثاني:استجابة إدارة المنظمة لما يبديه مدقق الحسابات  من ملاحظات تتعلق بمسئوليتها الاجتماعية.
ومن خلال التمعن بهذين الجانبين نجد أن التطورات الحديثة تلقي بظلالها غلى واجبات المدقق الخارجي وان يكون هذا المدقق ذو دور فاعل في تشخيص دور المنظمة في المجتمع ومدى استجابتها لخدمة المجتمع.
أهمية الدراسة
تبرز أهمية الدراسة من الواقع العملي الذي تفرضه التطورات الحديثة على نشاطات منظمات الأعمال الهادفة للربح ومدى استجابتها لمسئوليتها الاجتماعية والبيئة المحيطة حيث أصبحت هذه الاستجابة من المؤشرات المهمة على فاعلية تلك المنظمات ونجاحها دون النظر إلى حجم الربح كمؤشر رئيسي للنجاح
لذلك فأن دور المدقق الخارجي يصبح دورا رائدا في إظهار فاعلية المسئولية  الاجتماعية للمنظمة محل التدقيق حيث يعتمد منهج تحليل التكلفة والعائد لقياس مستوى نشاط المنظمة في تحقيق  متطلبات المسئولية الاجتماعية
فرضيات الدراسة
ركزت الدراسة على أهمية التدقيق الخارجي  كجهة محايدة  في النظرة الشمولية لنشاطات المنظمات الهادفة للربح، ولذا فأن فرضيات الدراسة استندت على هذا المعنى ومن أهمها  ما يلي:
1-أن المسئولية الاجتماعية أصبحت جزءا مهما من التخطيط الاستراتيجي لمنظمات الأعمال الهادفة للربح لأن ذلك يرتبط بنجاحها في إبلاء المجتمع والبيئة المحيطة الأهمية اللازمة وما تفرضه التشريعات في هذا الصدد.
2- أن التدقيق الخارجي لابد وان يتسع ليشمل القياس والإفصاح عن التكاليف والفوائد  الاجتماعية لمنظمات الأعمال.
 وتحقيقا لما تم بيانه يتناول البحث الموضوعات التالية:
أولا: أهمية المسئولية الاجتماعية في منظمات الأعمال الهادفة للربح.
قانيا: مدقق الحسابات الخارجي والمسئولية الاجتماعي
.

أولاً: أهمية المسؤولية الاجتماعية في منظمات الأعمال الهادفة للربح

        ظهرت أهمية المسؤولية الاجتماعية في فكرتها الأولى مع قيام المشروعات الصناعيـة حيث تسعى منظمـات الأعمال في هـذا الصدد إلى تعظيـم الربـح Profit Maximization إلا أن الأمر الذي يحد من ذلك هو التأثير القانوني الذي يحدد العمليات التي تقوم بها انطلاقاً من مسؤولياتها الاجتماعية.
        وقد تطور هذا الاتجاه مترادفاً مع التطور الحاصل في تكنولوجيا المعلومات وتعقيدات بيئة العمل وخاصة فيما يتعلق بالأجور والتأثيرات الحاصلة من نفايات العمل حيث أصبح المنظور للمسؤولية الاجتماعية يأخذ جانباً مهماً من إدراك المسؤولين في منظمة الأعمال.
        وقد أضحى من الأهمية بمكان أن يكون من ضمن أهداف القوائم المالية إعداد تقرير عن تلك الأنشطة الخاصة بالمنظمة والمؤثرة في المجتمع والتي تعتبر هامة بالنسبة لدور المنظمة ومسئوليتها الاجتماعية في البيئة المحيطة، كما ورد ذلك في تقرير معهد المحاسبين القانونيين الأمريكي AICPA 1973. بالإضافة إلى ذلك فقد تطورت أهداف منظمات الأعمال حيث اقترنت الأهداف الاجتماعية بهدف تعظيم الربحية وظهرت الحاجة إلى ارتباط المسؤولية الاجتماعية لهذه المنظمات بمصالح المالكين والمستثمرين وإلى تحقيق الموازنة في تلك المسؤولية حيال الأطراف الأخرى والمتمثلة بالمستهلكين والزبائن والمهنيين والعاملين في المنظمة والدائنين والحكومة.
        وقد سعت بعض منظمات الأعمال وخاصة القطاع المصرفي إلى تركيز الدور الاجتماعي ومسئوليتها الاجتماعية تجاه زبائنها والجمهور المتعامل حيث عملت على تحقيق عنصر الشفافية في تعاملاتها من خلال توفير عدد من الأجهزة والآليات لترسيخ هذا المفهوم ويتم ذلك من خلال وسائل عديدة منها:
1-   الإعلان بشكل واضح عن الخدمات التي يقدمها المصرف للعملاء والجمهور.
2-   استخدام النماذج المطبوعة التي تشتمل على البيانات التي تهم العملاء.
3-   توفير نشرات إعلانية عن خدمات البنك.
4-   إجراء دراسات ميدانية واستقصاءات للتعرف عن مدى رضى العملاء والمتعاملين.
5-   تكليف إحدى دوائر الإدارة العامة بفتح صناديق الشكاوى والاقتراحات.
6-   خدمات آلية مثل الصراف الآلي والفيزا كارت والبنك الناطق.
حيث تعكس هذه الخدمات جانب المسؤولية الاجتماعية للبنك تجاه بيئة العمل.

وفي دراسة قدمت من بعض الباحثين(1) عن أهمية المسؤولية الاجتماعية وتوضيح مدى قناعه المديرين فكراً وتوجيهاً لمفهوم المسؤولية الاجتماعية أظهرت نتائج الاستبيان باعتماد أسلوب  Y2 "اختبار كاي"  كما في الجدول رقم (1)

جدول رقم (1)
اختبار Y2 لفرضية العلاقة بين الخصائص الشخصية والمهنية
ومفاهيم المسؤولية الاجتماعية *






مفاهيم
 المسؤولية
          الاجتماعية
الخصائص الشخصية والمهنية
 
العمر
V1
التحصيل العلمي
V2
التخصص العلمي
V3
عدد سنوات الخدمة
سنوات الخدمة في الموقع الحالي
المحسوبة
المجدولة
المحسوبة
المجدولة
المحسوبة
المجدولة
المحسوبة
المجدولة
المحسوبة
المجدولة
الكلاسيكي X1
24.42
15.51
51.09
26.30
38.71
36.41
24.15
26.30
17.71
1.03
الإداري X2
22.63
15.51
73.13
26.30
59.86
36.41
16.91
26.30
9.41
1.03
البيئي X3
31.86
15.51
46.97
26.30
53.61
36.41
16.50
26.30
16.53
1.03

ويتبين من الجدول أن للسمات الشخصية ممثلة بالعمر والتحصيل العلمي والتخصص العلمي علاقة معنوية في إدراك المديرين لمعنى ومفهوم المسؤولية الاجتماعية وذلك أن نتائج الاختبار بينت أن قيمة X2 المحسوبة أعلى من قيمتها المجدولة بالنسبة للعمر بينما أوضحت الحالة بشكل معاكس بعدم وجود علاقة معنوية للاختبار ذاته بين السمات المهنية للمديرين وإدراكهم لمفاهيم المسؤولية الاجتماعية بالنسبة لحقل التحصيل العلمي، ويمكن تلخيص أهم تلك المفاهيم بما يلي:

1- المفهوم الكلاسيكي Classical Concept
        ويعني هذا المفهوم أن جميع منظمات الأعمال تسعى إلى تقديم أفضل الخدمات إلى  المجتمع وتحسين أعلى مستوى ممكن من الأرباح وما ينسجم مع الأحكام القانونية والقواعد الأخلاقية السائدة.
ويعني تعظيم الربح أن المنظمة قد حققت استجابة لحاجات المجتمع وأدركت مسئوليتها تجاه المجتمع.

2- المفهوم الإداري The Managerial Concept
        ويعني هذا من خلاصة الدراسات في هذا الشأن أن المفهوم الإداري يمثل العلاقة مع الزبائن أو المجتمع الواسع ومثل المنظمات هو أشبه بمصفوفه Matrix من التعهدات والمسؤوليات التي تفوق في نطاقها القوانين والأنظمة والتشريعات الحكومية فالنمو الكبير في حجم المنظمات يقابلها نمو في حجم المسؤولية الاجتماعية حيث تكون المنظمة في محل مسائله عن مدى تنفيذها لمسئوليتها.

3- المفهوم البيئي Environment Concept
        ويمثل هذا المفهوم بشعور المديرين أن مسئوليتهم الاجتماعية لا تنحصر داخل المنظمة فحسب بل تمتد إلى أطراف وفئات متعددة تمثل عموم المجتمع من خلال البيئة المحيطة وتأثير العمل التشغيلي للمنظمة على البيئة من خلال قياس التكلفة والعائد Cost/Benefit.
        وكما يظهر من الدراسة المشار إليها ومن خلال الاستبانة المنظمة لهذا الغرض أن إدراك المديرين للمفاهيم الثلاث للمسؤولية الاجتماعية ينعكس على تفاعلهم مع المنظمة وخارجها فقد تم اعتماد اختبار X2 لتوضيح العلاقة المعنوية بينه وبين المتغير Y1 الذي تم اعتماده من متوسط إجابات العينة وذلك لغياب معيار عام متفق عليه لقياس مفهوم المسؤولية الاجتماعية.
ويوضح الجدول رقم (2) نتائج هذا الاختبار.


جدول رقم (2)
نتائج العلاقة بين مفهوم المسؤولية الاجتماعية
والمفاهيم الثلاث للمسؤولية الاجتماعية
المتغير Y1

المتغيرات
المستقلة      

مقاييس الاختبار

درجة الحرية
قيمة X2
معامل التوافق
قيمة X2 المحسوبة
قيمة 2X
المجدولة
الكلاسيكي X1
0.525
35.822
21.026
12
الإداري X2
0.452
22.072
21.026
12
البيئي X3
0.379
15.803
21.026
12

ويتضح أن المفهوم الكلاسيكي قد بلغت قيمة التوافق أكبر من بقية المفاهيم الأخرى ويأتي بعده المفهوم الإداري ثم المفهوم البيئي.

        وتأسيساً على ما تقدم تظهر أهمية المسؤولية الاجتماعية في مجال عمل منظمات الأعمال وهذا يعني إبلاء هذه المسؤولية عناية من قبل مدقق الحسابات لأن مهنته أصبحت التأكد من تنفيذ المنظمة لالتزاماتها المادية والمعنوية وأصبح قياس أداء المنظمة لا يعتمد على مدى تحقيقها للأرباح وإنما يتزامن مع مسئوليتها الاجتماعية.

ثانياً: مدقق الحسابات والمسؤولية الاجتماعية

        التدقيق عملية منظمة ومنهجية Systematic لجمع الأدلة والقرائن بشكل موضوعي والتي تتعلق بنتائج الأنشطة والأحداث الاقتصادية لتحديد مدى التوافق والتطابق بين هذه النتائج والمعايير المقررة وتبليغ الأطراف المعنية بنتائج التدقيق.
        وبناءً على هذا التعريف تتشعب وظائف التدقيق لتشمل نواحٍ عدة من نشاطات غير تقليدية نظراً لتطور بيئة الأعمال والتطور الهائل في حجم النشاطات الاقتصادية وظهور الشركات متعددة الجنسية وتكنولوجيا المعلومات.
        وقد أضحى المدقق أمام مسؤولية اجتماعية في إبداء الرأي ليس عن عدالة القوائم المالية ومسؤولية اكتشاف الغش فحسب (والتي تشكل في حقيقتها جانباً من المسؤولية الاجتماعية)، إلا أن ذلك قد أخذ يشمل جوانب عن مدى إيفاء المنظمة بمسئوليتها وما تأثير نشاطها في المجتمع المحيط، والأطراف المتعاملة.
وسنتناول في هذا المجال الموضوعات التالية:
-       الإطار القانوني لمسؤولية المدقق الاجتماعية.
-       المسئولية الاجتماعية للمدقق تجاه المنظمة.
-       المسؤولية الاجتماعية للمدقق تجاه الطرف الثالث.

1- الإطار القانوني لمسؤولية المدقق الاجتماعية
        يعد التشريع إطاراً تستند إليه مهنة التدقيق في ممارستها العملية ولذا فإن القانون الذي يعد لممارسة مهنة التدقيق يغطي في مواده الأمور التنظيمية والشكل القانوني لهيئات التدقيق وما عليها وما لها من واجبات والتزامات، ومن بين الأمور التي ينص عليها القانون هو تعيين مدقق الحسابات، والتزام المؤسسات العامة والشركات المساهمة، وغيرها من الشركات ذات رأس مال معين والجمعيات والأندية وأية جهة ملزمة بمسك السجلات أن تعين محاسباً قانونياً (مدقق حسابات) لها، كما اشترطت تلك التشريعات أيضاً مسؤوليات لهذا المدقق ومن بين ذلك مسئوليته المدنية.
        حيث اعتبر مدقق الحسابات وكيلاً عن الهيئة العامة للمساهمين وتنحسر مسئوليته المدنية في ضوء القواعد العامة للوكيل بأجر، بحيث يكون مسؤولاً إذا أخطأ أو أهمل أو قصر في القيام بواجبه وهو مسؤول قبل الشركة والغير والمساهمين بتعويض ما أصابهم من الضرر من جراء تصرفاته.
        ونستدل من خلال ما ورد أعلاه أن هناك مسؤولية اجتماعية للمدقق تحددت في إطار تشريعات قانونية وتتم المسألة عليها في ضوء أحكام قوانين مختصة بهذا الشأن.
        وقد نصت تلك التشريعات على عقوبات جزائية منها الحبس والغرامة.
ومن ناحية أخرى وفي ضوء الإطار القانوني نجد أن المسؤولية الاجتماعية للمدقق تنحصر بتشخيص مواطن الضعف والانحراف في ممارسة العمليات واقتراح البدائل التي تلبي الاحتياجات المطلوبة بحيث تتوافر المرونة والقابلية في قياس الأنشطة الاجتماعية التي تسعى إليه المنظمة.
والشكل رقم (1) يوضح المسؤولية الاجتماعية للمدقق في إطار أغلب التشريعات القانونية الخاصة بمهنة التدقيق.



شكل رقم (1)

التدقيق عن المسؤولية الاجتماعية وتحليل البيانات والمعلومات


اتخاذ القرارات
 

2- المسؤولية الاجتماعية للمدقق تجاه المنظمة
        تركز أدبيات الكتابة في مجال التدقيق بصورة عامة أن تكون نظره المدقق الخارجي في تأدية مهام عمله نظرة حيادية ومعنى ذلك أن تكون مسئوليته الاجتماعية تجاه المنظمة التي يعمل لصالحها تجسد هذه النظرة من حيث:
‌أ-     التدقيق ضمن المعايير المطلوبة.
    ب- فحص الأنظمة المالية والإدارية للمنظمة والتأكد من ملاءمتها للعمليات
    التشغيلية.
    جـ- إبداء الرأي حول عدالة القوائم المالية.
    د- تبصير إدارة المنظمة عن المخالفات الجوهرية للقوانين والأنظمة حتى يتم 
    تدارك ذلك في الوقت المناسب.
    هـ- التأكد من أن تقديرات الإدارة مناسبة ومتفقة مع الأصول المحاسبية.

كما أكدت معايير التدقيق الدولية على أهمية مسؤولية المدقق تجاه المنظمة حيث تتلخص هذه المسؤولية في عدة نقاط من أهمها الآتي:
‌أ-     تقدير المخاطر وتشخيص المشاكل.
    ب- تخطيط وأداء عملية التدقيق بفعالية وكفاءة.
    جـ- تقييم أدلة الإثبات.
     د- توفير خدمات أفضل للعملاء.
    هـ-  دراسة ملائمة للسياسات المحاسبية والإفصاح عن البيانات المالية.
    و- فهم بيئة المعلومات إذا كانت المنظمة تستخدم الحاسوب في تقديم معلوماتها   
    وأثر ذلك على تقدير المخاطر التي قد تتعرض لها المنظمة.

وبعبارة أخرى في مجال العمل المهني للمدقق ومن حيث مسئوليته الاجتماعية تجاه المنظمة يركز المدقق على الموضوعات ذات الاهتمام لدى هذه المنظمة حيث يكون في ذلك حيادياً بما تمليه عليه مسؤوليات المهنة .

والشكل رقم (2) يوضح الفحص الحيادي للمدقق.
شكل رقم (2)

الفحص الحيادي

 

























ومن ناحية أخرى فإن مسؤولية مدقق الحسابات الاجتماعية قد تتعدى الإطار التقليدي للتدقيق فمثلاً يزود إدارة المنظمة بمعلومات عن كفاءة التشغيل للعنصر البشري عن طريق استخدام بعض المعايير عن كفاءة استخدام العمالة ومن بين تلك المعايير معيار الوقت Time ومعيار الأداء Performance حيث تشكل هذه المعايير في إطارها العام عنصر العمل المطلوب، مما يعطي لإدارة المنظمة رؤية ذات دلالة عن هذا العنصر تمهيداً لتعظيم الإيجابيات ومعالجة السلبيات ويمكن أن يقدم المدقق في مجال مسئوليته الاجتماعية قائمة عمليات شاملة Master Operations يتمكن من خلالها عرض الوقت المستغرق لأداء العملية والوقت المعياري لها وبيان الانحرافات بنوعيها الإيجابي والسلبي لإدارة المنظمة.
والجدول رقم (3) يوضح ذلك.

الجدول رقم (3)
قائمة وقت معيارية لبعض العمليات الرئيسية لأحد المصارف التجارية
العملية المصرفية
نوع العمل
الوقت المعياري
دقيقة
الوقت الفعلي
دقيقة
الانحراف
دقيقة
الحسابات الجارية
فتح الحساب
15
20
-5
الحسابات الجارية
سحب من الحساب
10
8
+2
حسابات التوفير
فتح حساب
15
15
-
حسابات التوفير
سحب من الحساب
10
8
+2
حسابات ودائع
فتح حساب
10
12
-2
حسابات ودائع
سحب من الحساب
12
10
+2

ومن خلال تحليل هذه القائمة تحصل إدارة المنظمة على نتائج تفيد في تقييم الأداء المقبول لاتجاه العمل وبذلك تتجلى مسؤولية المدقق الاجتماعية في هذا المجال في تبصير إدارة المنظمة عن مجريات العمل التشغيلي التي قد تكون هذه الإدارة في غفلة عما يجري.

3- المسؤولية الاجتماعية للمدقق تجاه الطرف الثالث

        تفرض التطورات الجارية في عالم متغير ينحو إلى شفافية المعلومات مع اقتران ذلك بثورة معلوماتية في ظل أنظمة تكنولوجيا المعلومات أهمية خاصة على مدققي الحسابات حيث لم يعد الرأي التقليدي الذي يبديه المدقق كافياً وملائماً للإحاطة بمجريات العمل في المنظمات الهادفة للربح، بل يتعدى ذلك إلى مراعاة احتياجات الأطراف المتعاملة وخاصة الطرف الثالث "المالكين والمساهمين والجمهور" وأن يتلافى في مسئوليته الاجتماعية فجوة التوقعات التي يمكن تعريفها على أنها الفجوة بين فهم وتصورات الجمهور "مستخدمي القوائم المالية" وبين فهم وتصورات المدقق لعملية التدقيق والمسؤوليات المتعلقة به.
        وبناءً على التعريف السابق لفجوة التوقعات فإن مستخدمي القوائم المالية يتوقعون من المدقق ومن باب مسئوليته الاجتماعية أن يقدم لهم النصائح فيما يتعلق باحتمال فشل أو تقصير المنظمة تحت التدقيق وأن يكون محل ثقتهم عن منع إصدار القوائم المالية المضللة.
        كما تتجسد المسؤولية الاجتماعية للمدقق في هذا المجال أنه قد تستخدم القوائم المالية التي اعتمدها لمنظمة ما وأن هذه المنظمة حصلت بموجبها على قرض مصرفي على سبيل المثال وقد يتبين أن هذه القوائم في حقيقة الأمر لا تلبي الشروط المطلوبة فحينئذ سيقع المدقق تحت طائلة المسؤولية تجاه الطرف الثالث (البنك).
        وبناء على ما تقدم فإن المسؤولية الاجتماعية لمدقق الحسابات تجاه الطرف الثالث يمكن ربطها بثلاث مفاهيم رئيسية.
1- مفهوم المصلحة العامة Public Interest Concept
        حيث يقتضي الأمر أن يراعي المدقق المصلحة العامة للجمهور الذي سيعتمد على اتخاذ قراراته على البيانات المالية المدققة ومن ثم جعله مسؤولاً عن أي ضرر مادي يلحق بالغير من جراء أي تقصير أو إهمال مهني.
2- مفهوم الردع Deterrence Concept
        ويعني ذلك تقصير المدقق سلفاً بطبيعة الجزاءات التي ستطبق عليه لمصلحة الغير المتضرر بسبب أي إهمال أو تقصير يقع فيه خلال عملية الدقيق، لذا يعطي ذلك حافزاً للمدقق في مجال عمله ومراعاة حقوق الغير.

3- مفهوم العدالة والمساواة أمام القانون المطبق على المهنة الأخرى

        وفقاً لهذا المفهوم أن يسري على المدقق تجاه من يعتمدون على خدماته ما يسري على المهنيين الآخرين كالأطباء والمحامين تجاه المستفيدين من خدماتهم وذلك في حالة وجود أضرار مادية تحلق بهم.
        ومن جهة أخرى أن المسؤولية الاجتماعية للمدقق تجاه الطرف الثالث يعتبر جزءاً من المسؤولية المدنية التي تفرض عليه بموجب أحكام القانون المدني وتتأطر هذه المسؤولية بالأمور التالية:
أ- عندما يقع ضرر مادي ناتج عن عمل المدقق.
ب- عندما يمكن إثبات الإهمال الفادح.
ج- عندما يكون تقرير المدقق موجهاً بصفة رئيسية إلى الطرف الثالث.
د- عندما يكون المدقق على علم بمجموعة مستخدمي التقارير المالية التي قام بمراجعتها واحتمال اعتمادهم عليها في اتخاذ القرارات.
        ومن خلال هذا التأطير فإن المسؤولية الاجتماعية للمدقق تجاه الطرف الثالث مبنية على الافتراض الذي يقتضي بأن كل طرف من أطراف المعاملة الاقتصادية يحاول بقدر استطاعته تعظيم منافعه المتوقع تحقيقها من المعاملة.
        ويمكن الوصول إلى هذا الهدف عندما تتعارض مصالح أطراف المعاملة Dealat Arms Length بينما يحدث العكس عندما تتوطد العلاقة بين الأطراف المتعاملة.
        ومن ناحية أخرى فإن مسؤولية المدقق الاجتماعية تفرض عليه أن يعرض في تقريره النواحي التي يهتم بها الطرف الثالث من حيث أداء المنظمة وقيامها بأنشطتها وفقاً للأهداف المرسومة ومن بين ذلك ما يلي:
أ- عما إذا كان المدقق قد حصل على المعلومات والإيضاحات التي يرى ضرورتها لأداء مهمته على وجه مرضي.
ب- عما إذا كان من رأيه أن المنظمة تمسك حسابات منتظمة ومتفقة مع النظم المحاسبية المعمول بها.
ج- ما إذا كانت المعلومات والإيضاحات الأخرى التي تستدعيها مهمة المدقق كافية لإبداء الرأي والتعرف على طبيعة المخالفات والانحرافات التي وقعت أثناء العمل.

        هذا وقد يكون التقرير الذي يعده المدقق لبيان الرأي رقمياً أو كمياً أو وصفياً وفي مجمل مضامين هذه التقارير أن يجسد المدقق الجوانب الاقتصادية والاجتماعية لنشاطات المنظمة وأثرها على المجتمع المحيط ومدى تأثر المنظمة بها وانعكاس ذلك على ربحيتها.
        ويمكن بيان طريقة سهلة وميسره في تتبع نشاطات إحدى المنظمات "مصرف إسلامي" ومدى ملاءمتها للأهداف الاجتماعية في ظل المسؤولية الاجتماعية للمدقق من إطلاع الطرف الثالث وكما مبين في الجدول رقم (4).

جدول رقم (4)

نشاط المنظمة ومدى ملاءمته للأهداف الاجتماعية


(1)
(2)
(3)
(4)
نوع العملية
الهدف
نسبة تحقيق الهدف

المصرف      العميل

المبالغ المستثمرة
دينار
المعدل القياسي
المصرف       العميل
    دينار          دينار
المرابحة
تحقيق الربحية
5%             3%
5650000
282500    169500
المشاركة

تحقيق الربحية

8%             4%
3800000
 304000   152000
المضاربة
تحقيق الربحية
10%            5%
2150000
215000    107500

حيث يلاحظ من الجدول أعلاه أن العمود رقم (1) يشكل الهدف المرغوب من المصرف ويشكل العمود رقم (2) النسبة المفترضة من تحقيق الهدف ويشكل العمود الثالث المبالغ المستثمرة التي ساهم بها كل من المصرف والعميل أما العمود الرابع فيشكل المعدل القياسي للأرباح لكل من المصرف والعميل.
        ولذلك فإن التقرير الذي يعد لأغراض التدقيق عن المسؤولية الاجتماعية في مثل هذه الحالة يستند على الأرقام المثبتة في إظهار الأهداف المتوخاة من العمليات المصرفية المختلفة والنتائج التي تحققت حيث تستطيع إدارة المصرف والطرف الثالث معرفة أي العمليات أجدى نفعاً سواء لمصلحة المصرف أو لمصلحة الطرف الثالث.

الخلاصة والاستنتاجات
Summary and Conclusion

          اشتملت الدراسة على الأبعاد المختلفة للتدقيق عن المسؤولية الاجتماعية في منظمات الأعمال الهادفة للربح كأحد الاتجاهات الحديثة لهذا النوع من التدقيق وقد تم التمهيد لذلك بالتعرف على الأهداف العامة لتلك المنظمات ومن ثم التطرق إلى مسئوليتها الاجتماعية تجاه محيط عملها.
        وتأسيساً على ذلك أصبحت المسؤولية الاجتماعية جزء من استراتيجية المنظمات الحديثة للتفاعل مع البيئة المحيطة بكل متغيراتها، وعليه فإن أهمية الدراسة تظهر دور مدقق الحسابات في إعطاء الصورة الواضحة للأطراف المتعاملة يضمنها إدارة المنظمة ذاتها عن مدى تحمل المنظمة لمسئوليتها الاجتماعية حيث أصبحت هذه المسؤولية جزءاً لا يتجزأ من ممارسة المنظمة لعملياتها.
        وقد اتضح من نتائج الدراسة أن المنظمات الهادفة للربح لا بد وأن تضع في عين الاعتبار أنها منظمات ذات نفع اجتماعي يقترن بالمنافع الاقتصادية لذلك عليها أن تستثمر أموالها في نشاطات ذات نفع اجتماعي حيث يؤدي ذلك على تنمية المجتمع من خلال تنمية الثروة واستغلالها إلى سلسلة من النشاطات التي تنعكس على رفاهية المجتمع.
        وبناء على ذلك فإن دور مدقق الحسابات يأتي كمحور فاعل في تشخيص أداء تلك المنظمات ومدى استجابتها لمتطلبات المجتمع ومعنى ذلك تبدأ فكرة عمل المنظمات المعنية في ضوء احتياجات المجتمع.

المراجع المختارة

أولاً: اللغة العربية

1-    البكري، ثامر، والديوه جي، سعيد، إدراك المديرين لمفهوم المسؤولية الاجتماعية، المجلة العربية للإدارة، حزيران 2001.
2-    العباسي، أيمن، مسؤولية الإدارة عن إعداد البيانات المالية ومسؤولية مدقق الحسابات، بحث مقدم إلى مؤتمر جمعية مدققي الحسابات القانونيين الأردنيين، أيلول 2002.
3-    المجمع العربي للمحاسبين القانونيين، المعايير الدولية للمراجعة 1998.
4-    الشرع، مجيد، المراجعة عن المسؤولية الاجتماعية في المصارف الإسلامية، دار وائل للنشر، عمان 2003.
5-    أبو طه، سهيل، الشفافية في أنظمة البنك العربي، بحث مقدم إلى المؤتمر الثالث لجمعية مدققي الحسابات القانونيين الأردنيين، أيلول 2002.
6-    قانون مهنة تدقيق الحسابات في الأردن رقم 32 لسنة 1985، المادة 21.
7-    قانون الشركات الأردني رقم 22 لسنة 1997 المادتان، 99أ، 201.
8-    مطر، محمد، مسؤولية مدقق الحسابات تجاه الطرف الثالث، بحث مقدم إلى المؤتمر الثالث لجمعية مدققي الحسابات القانونيين الأردنيين، أيلول 2002.
9-    دهمش، نعيم، فجوة التوقعات ومسؤوليات المدقق، بحث مقدم إلى المؤتمر الثالث لجمعية مدققي الحسابات القانونيين الأردنيين، أيلول 2002.
10- وليم توماس، وهنكي، المراجعة بين النظرية والتطبيق، ترجمة دار المريخ ، الرياض 1989.

ثانياً: المراجع ألأجنبية

1-    David W. Black Well, 1998, The Value of Auditor Assurance Evidence from loan pricing. Journal of Accounting Review, Vol. 36 No.1, spring 1998.
2-    Cooper S. Kerry & Raibon, Accounting for corporate social Responsibility, Michigan state University, Business Topics Vol. 22, 197.
3-    Novic, D. Benfit Analysis and Social Responsibility. Business Horizon. Vol XVI. No. 5, 1974.
4-    Willckens M.E David Mittz, Audit Standards and Auditor Responsibility, Accounting and Business, Research, vol. 26, No. 33, 1996.


الفهرس

الموضوع

رقم الصفحة

المقدمة .............................................................

1

أهمية المسؤولية الاجتماعية في منظمات الأعمال الهادفة للربح ......
2
مدقق الحسابات والمسؤولية الاجتماعية ..............................
5
        الإطار القانوني لمسؤولية المدقق الاجتماعية .................
6
        المسؤولية الاجتماعية للمدقق تجاه المنظمة ...................
8
        المسؤولية الاجتماعية للمدقق تجاه الطرف الثالث ............
10
الخلاصة والاستنتاجات .............................................
14
المراجع المختارة ...................................................
15
الفهرس ............................................................
16



(1) الدكتور ثامر البكري والدكتور سعيد الديوه جي ، إدراك المديرين لمفهوم المسئولية الاجتماعية، المجلة العربية للإدارة، حزيران 2001
*  الجدول يمثل مخرجات حاسوب.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق